الأمن البيئي و دور منظمة السلام الاخضر الدولية في تحقيقة ومعالجة قضاياه

الأمن البيئي و دور منظمة السلام الاخضر الدولية في تحقيقة ومعالجة قضاياه
الأمن البيئي و دور منظمة السلام الاخضر الدولية في تحقيقة ومعالجة قضاياه

مقدمة

اليوم أصبح العالم يواجه العديد من التحديات الكبرى التي تهدد مستقبل الإنسان وأمنه بفعل عدد من العوامل، أهمها القضايا المهددة للأمن البيئي، خاصة المتعلقة منها بالموارد الطبيعية والتي أدى تناقصها مؤخراً إلى زيادة حدة التوتر في العلاقات بين المجتمعات، والعلاقات الإقليمية والدولية.

حيث ان الأمن البيئي يمثل عنصر أساسي للإنسان من اجل البقاء والاستمرار في الحياة، ولا يختلف عن بقية العوامل الأساسية الأخرى للعيش، ولذلك فإن المشاكل البيئية أصبحت تمثل قضايا عالمية يسعى العالم إلى إيجاد الحلول المناسبة كونها تمس مستقبل الانسان في كل مكان، ولذلك فقد ساهمت العديد من المنظمات المحلية والدولية الحكومية والخاصة في اعداد المشاريع والخطط المناسبة لمعالجة تلك القضايا وإيجاد الحلول المناسبة التي تحقق الامن البيئي.

وفي هذه الدراسة نتطرق للحديث عن الامن البيئي واهم القضايا البيئية التي تواجه الانسان وكيف ساهمت المنظمات في إيجاد الحلول المناسبة لمعالجة تلك القضايا، وذلك من خلال العديد من المحاور التي يناقشها هذا المقال.

مفهوم الآمن البيئي

أولا عند النظر في مفهوم الامن نجد تعدد الابعاد الأمنية على العديد من المجالات كـ الامن القومي والإنساني والاقتصادي والبيئي وغيرها..

وقد ظهرت تلك المجالات على مراحل مختلفة بحسب الظروف الموضوعية التي صاحبتها ظهور هذه المفاهيم، فنجد الامن السيبراني اخر المفاهيم الأمنية التي ظهرت تزامنا مع اعتماد العالم على التكنولوجيا بشكل كبير وارتباطها بحياة الناس.

وفي هذا المقال نسلط الضوء على جانب الامن البيئي كونه من المواضيع الهامة التي بذل العالم جهود كبيرة في تحقيقه ومعالجة القضايا البيئية المختلفة، حيث ان البيئة هي

أكثر ما شغل العالم لما يتخللها من دمار بيئي يهدد حياة الانسان ومختلف الكائنات الحية على حد سواء ويخل بالتوازن البيئي الطبيعي.

ففي بداية الأمر لم يكن يوجد تعريف علمي موحد حول مفهوم الآمن البيئي ومضمونه بشكل دقيق، حيث يمثل أحد الفروع الآمنة المصنفة مؤخراً بشكل عام، وفي الفترة بعد الحرب الباردة أصبح يمثل مفهوم مستقل يشار له بـ الآمن البيئي.[1]

ويعرف الآمن البيئي على انه العمل على التنمية ومعالجة القضايا البيئية التي تهدف لتحقيق الحماية اللازمة لكافة المجتمعات والشعوب حول العالم من أي مخاطر قد تهدد الحياة البيئية.

كما ان مصطلح الامن البيئي يشير إلى العلاقة الرابطة بين أمن الإنسان والبيئة، ويهدف الامن البيئي لتقديم الإستراتيجية اللازمة للدفاع البيئي، ومعالجة القضايا البيئية التي تؤثر على الحياة الإنسانية، كون التأثير يمتد إلى العديد من المجالات ذات الارتباط مع هذا المفهوم.

كما ان الأمن البيئي يمثل أحد المجالات الأمنية التي ترتبط بـ الامن المحلي والإقليمي، المساهم في الحد من التهديد المرتبط بـ الضغوطات والمخاطر البيئية ومصادر الطاقة، وتلك التهديدات التي قد تتسبب في التأثير على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي[2] والسياسي وحدوث الكوارث العالمية والنزاعات والمشاكل والحروب على المستوى المحلي والعالمي.

وتجدر الإشارة إلى ان الأمن البيئي يركز اهتمامه على العديد من الجوانب البيئية التي لها تأثير وضاح على الإنسان فردا ومجتمعات وامم، ولذلك فإن الامن البيئي يختص بـ الاعمال المتعلقة بحماية البيئة من أي اضرار قد تلحق بها نتيجة اي عوامل خارجية والعمل على معالجة أي اضرار بيئية أخرى.

كذلك العمل على حل الصراعات المتعلقة بالعوامل البيئية والموارد الطبيعية، والعمل الجاد على حماية البيئة وتحفيز المجتمع على المشاركة في معالجة الاضرار البيئية المحيطة وحماية البيئة مسؤولية اجتماعية وفردية.

أهمية الامن البيئي

تكمن أهمية الامن البيئي في انطلاقه من مفهوم الامن القومي، وهذه الأهمية تتعلق بالمجال الخاص بالحفاظ على الامن العالمي واستقراره في كافة المجالات ومن هذه المجالات نجد الامن البيئي يمثل أهمية كبرى لما له من تأثير كبير على الاستقرار والامن المحلي والدولي.

ولذلك نجد الكثير من المنظمات المحلية والدولية تنبه إلى المخاطر الناجمة عن الاضرار البيئية والعمل على معالجة تلك المشكلات البيئية التي تنجم عن الاستنزاف الغير منتظم للموارد الطبيعية واضرار الملوثات البيئية الصناعية على البيئة، وكذلك السعي في المحافظة على النظام البيئي بشكل مستقر لاستمرار حياة الانسان وتجنب حدوث أي كوارث او تغيرات بيئية مستقبلاً.

العلاقات الدولية بالنظام البيئي

تتمثل العلاقات بين الامن والنظام البيئي على العديد من الجوانب فمثلا نجد منها الصراعات الداخلية والخارجية على المصادر البيئية التي قد تتطور إلى حروب دولية ينجم عنها استنزاف للموارد الطبيعية والبشرية والهجرات والنزوح والتي بدورها تمثل ضغط كبير على الموارد البيئية في الدول المستضيفة وغيرها من المشاكل المتعلقة بالأمن البيئي.

وفي الجانب الاخر من تلك العلاقات نجد العلاقات الإيجابية القائمة على التعاون والتنظيم في الاستخدام السليم للموارد الطبيعية بشكل دائم، والعمل على بذل المزيد من الجهود في سبيل حماية الموارد البيئية من الاستنزاف والضياع والتعاون الدولي على ذلك.

البيئة وأمن الإنسان

منذ أواخر القرن الماضي أصبح الامن البيئي يمثل موضوع أساسي في الدراسات الأمنية كأحد فروعها الأساسية، وكذلك أحد المواضيع الهامة في الدراسات البيئية، ذلك لارتباطه الكبير بالمفاهيم الأمنية والبيئية المختلفة وتأثيره الكبير على تلك المواضيع بشكل يجعل له دور بارز في تلك الدراسات، ولذلك فإن الأمن البيئي يدور حول ثلاثة محاور أساسية:

تأثير الامن البيئي على النشاط الإنساني البيئي، ما يسمي بالأمن الإيكولوجي، او الاجتماعي البيئي، إشارة الى ضرورة تأمين العمليات الداخلية للنظام الايكولوجي، حيث ان النشاط الإنساني يمثل تهديد رئيسي على امن وسلامة ذلك النظام.

ومما سبق إشارة إلى ان امن الناس يعتمد على امن وسلامة البيئة المحيطة بهم كونهم جزء من تلك البيئة.

ثانياً العلاقة بين البيئة والأمن الوطني، بشكل اخر نجد ان البيئة تمثل موضوع مهم وركيزة أساسية ذات علاقة بالأمن الوطني، كون المشاكل البيئية قد تمثل تهديد أمنى صريح على الدولة، ذلك ما قد يؤثر سلبا ويكون سببا في نشوب الصراعات والحروب بين الدول والاقاليم، وكذلك على المستوى المحلي الذي يتسبب في الاضرار بأمن الدولة والاستقرار الداخلي.

ثالثاً العلاقة بين البيئة والامن الإنساني وثيقة ولذلك نجد ان التغييرات البيئية قد تشكل تهديد خطير على حياة الانسان وتخل بالأمن الإنساني، حيث ان الامن الإنساني ساهم بشكل كبير في التعرف على مدى التأثير البيئي على حياة الانسان.

دور المنظمات المحلية والدولية في تحقيق الامن البيئي

منذ أواخر القرن الماضي ازدادت الاهتمام بالقضايا البيئية على المستوى العالمي، بسبب العلاقات البيئية المشتركة في الموارد الطبيعية والتعاون البيئي، والخوف من حدوث أي اخطار او تهديدات على البيئة ما اضطر المجتمع الدولي في السعي للحفاظ على البيئة وتعزيز الامن البيئي لدوره الكبير في المجالات التنموية الأخرى.

ولتلك الأهمية فقد سعت العديد من المنظمات المحلية والدولية في الاهتمام الكبير بهذا الموضوع، وهي وحدات قانونية أنشئت بواسطة الدولة لتحقيق اهداف معينة وربما تكون تلك المنظمات حكومية او غير حكومية وبترخيص من الدولة تسعى لتكوين إرادة مستقلة يعبر عنها بالسياسات والتنظيمات الخاصة بالمنظمة.[3]

وتعرف المنظمات على انها هيئات دولية دائمة تشمل عدة دول وتتمتع بالإرادة المستقلة الرامية إلى الحفاظ على المصالح المشتركة للدول الأعضاء فيها، او انها عبارة عن مؤتمر دولي تحول إلى امانة دائمة بفعل التحولات الدولية أطلق عليها اسم المنظمات الدولية، ويعني بالدائمة التمتع بصفة الدوام في أداء اعمالها ضمن الخطط المرسومة والسياسات العامة لها.

تتمتع المنظمات الدولية غير الحكومية بعدد من الخصائص تحدد الإطار العام لعملها والمبادئ الخاصة بها، ومن تلك الخصائص ما يلي:

المبادرة الفردية، الاستقلالية وعدم التبعية، تحمل الشخصية القانونية الخاصة بها الصادرة من النطاق المحلي لها، تتمتع بسياسة خاصة بها ونطاق تأسيسي يمثل الإطار المنشئ لها، غير ربحية، العلاقات والتواصل الداعم لنشاط تلك المنظمات.

الدور الدولي في رعاية القضايا البيئية

ظهرت العديد من الجهود المبذولة في سبيل الحد من الاضرار البيئية ومعالجة قضايا البيئة بشكل جاد ولذلك فقد ساهم المجتمع الدولي في مناقشة تلك القضايا وعقد العديد من المؤتمرات في سبيل التوصل لحلول عملية لمعالجة تلك الاضرار البيئية ومن تلك المؤتمرات الدولية المساهمة في تعزيز الوعي البيئي على المستوى العالمي، ما يلي:

مؤتمر ستوكهولم، حيث بدأ الاهتمام الدولي بالقضايا البيئية في منتصف القرن الماضي، وفي العام 1972 تم تنظيم المؤتمر الأول في الأمم المتحدة حول بيئة الانسان وهو مؤتمر دولي ساهم في العمل على معالجة عدد من القضايا البيئية أهمها التلوث البيئي، وقد شاركت في هذا المؤتمر العديد من الدول من حول العالم ما يقرب الـ 115 دولة، مما يشير إلى الأهمية الكبرى للأمن البيئي الذي أفصح عن العديد من المصالح المشتركة بين تلك الدول والتي تسعى لتحقيق الامن البيئي بالشكل المطلوب.

وكذلك مؤتمر ري ودي جانيرو في البرازيل الذي عرف باسم قمة الأرض في العام 1992 والذي يعد تكمله لمؤتمر ستوكهولم والذي هدف بشكل أساسي الى تطوير علاقات التعاون البيئي بين الدول، وكذلك مؤتمر كيوتو في أواخر العام 1997 في اليابان والذي هدف بشكل أساسي الى تحديد الطرق والمبادئ لاحتواء النشاط الصناعي للإنسان المتسبب بالتغيرات المناخية، وكذلك عدد من المؤتمرات الإقليمية كـ مؤتمر جوهانسبورغ، ومؤتمر نيروبي، وبروتوكول مونريال، ومؤتمر اسكتلندا، ومؤتمر وزراء البيئة العرب في بيروت، مؤتمر بكين

منظمة السلام الأخضر

وهي احدى المنظمات الدولية الفاعلة في مجال حماية البيئة، حيث تمثل من المنظمات الدولية غير الحكومية المستقلة وغير ربحية ايضا تعمل من خلال حملات محدده والاستعانة بالتحرك السلمي بشكل مباشر لتسلط الضوء على عدد من المشكلات البيئية في العالم اجمع وتسعى المنظمة من خلال سياستها المستقلة الى حث صناع القرار على اعتماد مجموعة حلول جوهرية لتحقيق الامن البيئي في العالم اجمع، ويقع المقر الرئيسي للمنظمة في أمستردام في هولندا، حيث لها العديد من المكاتب في 41 دولة، وتضم المنظمة قرابة الثلاثة ملايين داعم من حول العالم[4]

وتعمل المنظمة كغيرها من المنظمات والمؤسسات الدولية وفق هيكل تنظيمي لتسهيل أداء المهام والخطط التي تضعها المنظمة بشكل هرمي منظم ومتسلسل كالتالي:

المنظمة الدولية المعروفة بـ غرين بيس وهي الهيئة الأعلى في الهيكل التنظيمي للمنظمة وهي الجهة المسؤولة عن منح التراخيص للمكاتب الفرعية حول العالم، وتتكون الهيئة الدولية من رئيس وأربع اعضاء كالتالي/ مدير البرامج، ومدير الاتصال والعلاقات العامة، ومدير العمليات، ومدير التنظيم، وكل إدارة تشمل عدد من الأقسام.

وفي الدور الذي تمثله هذه المنظمة في مجال حماية البيئة، قيامها بالعديد من الحملات في سبيل تحقيق الامن البيئي، ومن تلك الحملات ما يلي:

  • السعي في سبيل تحقيق ثورة في انتاج الطاقة الطبيعية واستثمارها لمواجه المخاطر المستقبلية من استنزاف الطاقة الغير متجدده.
  • العمل على كشف السلوكيات المهددة للثروة السمكية والعمل على ايقافها، والعمل على تنظيم وانشاء محميات بحرية لحماية التنوع الحيوي والحفاظ عليه.
  • العمل على حفظ الغابات والحفاظ على التنوع النباتي والحيواني فيها.
  • السعي للتخلص من التقنيات النووية سواء في مجال الطاقة او الحروب
  • بناء مستقبل خالي من السموم والكيماويات لمضره واستبدالها بـ مواد أكثر امن وصحيه.
  • التخلص من المواد المعدلة جينيا المستعملة بالزراعة، وضمان التنوع الزراعي الطبيعي

الختام

مماسبق،

تعرفنا على الامن البيئي من حيث المفهوم وكيف يمثل تطور هذا المفهوم حتى أصبح يمثل أحد الفروع الأساسية للأمن كونه يرتبط بشكل مباشر مع بقية الفروع الأمنية الأخرى، كالأمن القومي والامن الإنساني وغيرها،

حيث يمثل هذا الجانب أهمية كبيرة لما له من دور كبير في البقاء والاستمرارية كونه أصبح يمثل عامل أساسي للعيش، ولذلك فقد قامت العديد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية المحلية والدولية في العديد من المشاريع لتحقيق الامن البيئي كونه يمثل أهمية كبرى في حياة الانسان.

ومن المنظمات المساهمة في ذلك، فقد ركز المقال على منظمة السلام الأخضر الدولية وهي منظمة غير ربحية تسعى في سبيل تحقيق مستقبل بيئي امن والتخلص من التهديدات البيئي المحدقة، وتقوم بالعمل على العديد من المشاريع في سبيل تحقيق هدفها العام، حيث تعمل المنظمة بشكل منظم وفق هيكل تنظيمي يقوم بترتيب المهام وتنظيم سير العمليات التي تحددها الإدارة العامة التي تقع في أمستردام في هولندا.

ومن خلال الدراسة فقد استوضحت الدور العام للمنظمات الدولية في العمل على تحقيق الامن البيئي وآلية عملها وتنظيمها للمشاريع والخطط الخاصة في هذا الجانب.

المصادر

  • محمد مجدان، الأمن البيئي العالمي: دراسة حول مفهومه وحول تحقيقه
  • فارس قره _ سناء محمد جابر، الأمن البيئي، الموسوعة السياسية
  • سفيان حجين _ جميلة آغا، دور المنظمات غير الحكومية في حماية البيئة
  • الموقع الرسمي لـ منظمة السلام الأخضر الدولية، غرين بيس (رابط)

[1] خولة يوسف، الامن الإنساني وابعاده في القانون الدولي (دراسة بحثية)

[2] ما هو الأمن البيئي من موقع insights.som.yale.edu

[3] سهيل الفتلاوي، مبادئ المنظمات الدولية العالمية والإقليمية (كتاب)

[4] خليل حسين، النظرية العامة والمنظمات العالمية