رسالة ابن فضلان و مميزات المجتمعات على المستوى العقائدي والفكري
Amr
مقدمة
احتوت الرسالة المشهورة للرحالة المسلم ابن فضلان إلى الخليفة العباسي المقتدر بالله ، وصف للخصائص الإجتماعية والفكرية والعقائدية والسلوك الإنساني للشعوب التي صادفها في رحلته إلى بلاد العجم والأتراك والبلغار والروس والخزر والتي وصف من خلالها حقائق عن الماضي البعيد التي عاشته تلك المجتمعات ، والتي اعتنت برسالته العديد من البحاثين الغرب وترجموها إلى لغاتهم خاصة ما جاء في رحلته إلى بلاد الروس والبلغار ، كون بن فضلان اول رحالة وصل إلى تلك البلاد البعيدة ، وهنا سوف نناقش خصائص تلك المجتمعات التي زراها في رحلته على عدة مستويات.
الترك والعجم
يروي الرحالة بن فضلان في زيارته لبلاد الترك ، شعوره بالاسف تجاه الوضع الذي تعيشه مجتمعات تلك البلاد من حيث انتمائهم العقائدي للوثنية ، وحالة عدم الاستقرار في حياة البدو الذي يعيشوها ، وما تحمله من مشقة وعناء ، حيث وقد شبه تخبطهم ذلك بالبهائم التي ظلت طريقها في معرفة الحق وغاب دور العقل في تحديد مسار حياتهم ، وهذا ما يدل عليه تشبية المولى عز وجل لحال الذين ابتعدو عن دينة بالحمير ، قال تعالى ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ*كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ*فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ﴾ [سورة المدثر ، الآية 49 – 51] ، وحالة النفاق التي تعيشه تلك المجتمعات لتحقيق مصالحهم بشكل دنيء.
اما على المستوى الإجتماعي فنجدهم في الارذلين ،فإذا مرض الرجل عزلوه حتى مات ، والفقير يرمى بصحراء ليموت ، ويدفن الميت بماله ومقتنياته ، كما تهان المرأة ويدنس شرفها فلا تتستر وتدفن حية ، وبالرغم من ذلك يروي انهم اهتموا بجانب الانساب ، حيث حرموا الفواحش بين الجنسين وذات الجنس ، فيرون في ذلك جرم عظيم.
مما سبق نستلخص من رؤية ابن فضلان في مجتمعات الاتراك ، من الإسفاف والإنهيار الإخلاقي والإجتماعي الذي يظهر في ممارساتهم وعاداتهم الغير اخلاقيه ، كما نرى انحرافهم العقائدي نحو الوثنيه الموضوعه والتي تعطي تصور سلبي عن الوضع الإجتماعي والعقائدي في معظم ممارسات تلك المجتمعات.
الصقالبة البلغار
تميزت تلك المجتمعات بإنتمائهم العقائدي المتعارض بشكل غير مرضي مع الشريعة الإسلامية ، حيث نجد الكثير من الممارسات الخاطئة التي تتعارض مع قواعد واحكام الشريعة الإسلامية ، كمسائل الميراث الغير صحيحة والتي تتعارض مع النصوص القرآنية ، ومسئلة التبارك والتشائم التي نهئ عنها الشرع ، وغيرها من الممارسات المغلوطه.
اما في الجانب الإجتماعي فنجد السقوط الأخلاقي الواضح في تصرفاتهم من حيث تستر المرأة والعادات التي تتعارض مع المصلحة الإجتماعية ، كما انتشرت العبودية وتجارة الرقيق ، كما نجد الكثير من التصرفات الحياتيه الغير سوية والتي تدل على حالة الركود والجهل التي عاشتها.
الروس
يأتي الحديث حول هذه المجتمعات بحالة من الإستغراب في وصف اشكالهم وطريقة لبسهم الغريبة ، ووضعهم للوشوم والرسومات على اجسادهم وحملهم للسلاح كالفؤوس والسيوف بشكل دائم ، هذا الحال عند كلا الجنسين ، اما على المستوى الإجتماعي ، فنجد ان تلك المجتمعات ساقطه اخلاقيا من حيث العلاقة الغير شرعية بين الجنسين التي يتشابهون مع الحيوانات والبهائم ، حيث تختفي الحشمة والتستر.
كذلك فقد اتسموا بمظهرهم المقزز الذي تسوده القذاره وعدم الطهر في شتى احوالهم اليومية ، اما في المستوى العقائدي فنجدهم لا يدينون بشرعية سوية ، بل تراهم في تخبط عقائدي وظلال كبير وسقوط اخلاقي واجتماعي يجعل من الصعب التصديق على ان تلك المجتمعات انسانية.
الختام
من خلال النظر في ما سبق نجد الإنحطاط والسقوط الاخلاقي في المجتمعات التي تناولها ابن فضلان في رسالته ، كما نجد الإنحراف عن العقيده الإسلامية في انتمائهم الديني ، حيث نجد تلك المجتمعات إما وثنية او تعيش في تضارب عقائدي يلبي مصالحهم الدنيوية ، ذلك ما يبرر حالة الضياع والتشتت والتفكك الإجتماعي التي عاشته تلك المجتمعات نتيجة بعدهم عن الله ، قال تعالى ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ﴾ [سورة طه ، الآية 124] ، فقد وجدناهم يعيشون حياة حروب ودمار وعدم استقرار ، كل تلك الظروف ساهمت في إنهيار تلك المجتمعات
