ادب الاطفال : أهمية وموضوعات أدب الاطفال والخصائص التي يمتاز بها

ادب الاطفال : أهمية وموضوعات أدب الاطفال والخصائص التي يمتاز بها
ادب الاطفال : أهمية وموضوعات أدب الاطفال والخصائص التي يمتاز بها

مقدمة

إنّ مرحلة الطفولة تعدّ من أهم المراحل في حياة الإنسان­، فالأطفال يمثلون مرآة للمجتمع كون المجتمع له يمكنه رؤية مستقبله من خلال النظر في مرحلة الطفولة للجيل الحالي، ولذا فإن الإهتمام بـ أدب الأطفال زاد بشكل ملحوظ ليمثل أحد أهم الأشكال الأدبية الإنسانية المتجددة، لأن إعداد جيل ذي مبادئ راسخة في القيم والأفكار هو بناء لمستقبل المجتمع ككل.

ولذا فإن أهمية أدب الأطفال إزدادت، ليمثل هذا الأدب في العديد من الأشكال والتوجهات كـ القصص والشعر والمسرح وغيرها.

مفهوم أدب الأطفال

نجد أن مفهوم أدب الأطفال يندرج ضمن الأدب العام، ولذا فإن أدب الأطفال لا يختلف بشكل كبير عن مفهوم الأدب بشكل عام في الجوهر والمفهوم العام له، ويمكن أن يعرف الأدب على أنه تركيب فني لنماذج أدبيه مختلفة، أو أنه عبارة عن تفاعل النصوص الأدبية مع تجربة القارئ وفقاً للمعاني والمقاصد والدلالات الخاصة به[1].

وكما يعرف الأدب على أنه إحدى الفنون الشعرية أو النثرية التي إبتدعها الكتاب والشعراء على مر العصور، ليعبروا عن الأحاسيس والمشاعر المختلفة، وربما في وصف أحداث معينه، بأسلوب جميل وشيق يجذب القارئ[2].

كما أن الأدب يمثل إحدى الفنون الجميلة التي تبين أفكار الإنسان وأحاسيسه فهي كالألوان التي تنمح الصورة حياةً، ويقول طه حسين: إن الأدب أحد الفنون الجميلة المستندة على اللغة، بحيث يتمثل بـ إرتباط وثيق بين اللغة والأدب[3]، وأيضا فإن الأدب بشكل عام يرتبط بجانبين أساسيين وهما الكتاب والقارئ، وذلك عند الحديث عن أدب الأطفال نجد أن ما يميزه عن الأدب العام هو جمهور القراء والذي يتمثل بـ الأطفال، حيث يركز الأدب على مضمون يتناسب مع الجمهور الموجه له، بحيث يقدم محتوى أدبي يخاطب التجارب الطفل من خلال إمكانياته المحدودة ولإيصال رسالة معينه تساهم في التربية الخلقية والثقافية للطفل.

حيث تظهر أهمية هذا الأدب في كونه يساهم في إعداد وتنشئة جيل جديد، وتحقيق مستقبل المجتمع المرجو، فهذا النوع من الأدب يختلف عن الأدب العام للكبار من حيث المحتوى الذي يقدمه، إبتداء من الفكرة العامة التي يناقشها إلى الأسلوب الذي يمضي به في التنسيق والحوار، والمصطلحات اللغوية التي تشملها القصة وغيرها مما يميز هذا النوع الأدبي عن غيره، الذي يتلاءم مع مستوى الإدراك والوعي لدى الأطفال عن الكبار، بل على العديد من المستويات من مراحل الطفولة المختلفة أو حسب الفئات العمرية، وبالرغم من كل ذلك فلا يمكن القول أن أدب الأطفال نوع أدبي منفصل تماما عن غيره من الأدب العام، بل أن هنالك العديد من النقاط التي يلتقي عندها الأدب بجميع أشكاله، فمثلا لا يوجد خلاف بين الأدب العام وأدب الأطفال عند الأخذ بـ مقومات الأدب الفنية، ولكن الخلاف في المواضيع الأساسية والشخصيات والأحداث الأساليب اللغوية والمصطلحات التي تتلاءم مع القدرات والمستويات الثقافية والإدراكية للطفل.

ومما سبق نجد أن أدب الأطفال يمثل أحد فروع الأدب العام التي تستهدف فئة معينة متمثلة بالأطفال، التي تمتلك عدد من الخصائص والمقومات التي تميز هذا النوع عن غيره من الجوانب الأدبية حتى وان تشابه بعدد من النقاط الشكلية[4] ويمكن إختصار التعريف بأدب الأطفال على أنه عدد من الأنشطة الأدبية التي تخدم الطفل وتلبي إحتياجاته وتتلاءم مع مستويات الثقافية، من خلال عدة أعمال فنية تساهم في بناء الأفكار والمشاعر لدى الطفل[5].

خصائص أدب الأطفال

كما ذُكِر سابقاً فإن أدب الأطفال جزء لا يتجزأ من الأدب العام، إلا أن له خصائص تميزه عن غيره، كونه موجه للصغار ليتلاءم مع إحتياجاتهم وتجاربهم ومستوى الوعي لديهم، حيثُ إن أدب الأطفال يمثل رسالة مهمة كونه يستهدف فئة الصغار

ولذا فإنه يتماز بعدد من الخصائص، نذكر منها ما يلي:

  • يجب أن يتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي، ويتجنب الخرافات والإنحراف العقائدي الذي يمثل إنحراف عن المسار الصحيح، ويدخل الطفل في جالة من التيهان والتخبط الداخلي.
  • أن يمثل رسالة العلم في محتواه وأهدافه، حيثُ إن أدب الأطفال أحد أهم الوسائل التعليمية الأساسية التي تمثل منبع العلوم والمعرفة للطفل[6].
  • أن يراعي بيئة المتلقي كونه يستهدف الأطفال، ولذا يجب أن يمثل بالطرق التي تتلاءم مع الفئة العمرية المستهدفة.
  • أن يساهم في التنمية الإجتماعية والنفسية للطفل، من حيث تلبية إحتياجاتهم المعرفية والتربوية حتى الإحتياجات الشخصية للطفل.
  • أن تسم بصفات الجذب والتشويق ليتقبله المتلقي كونه يستهدف فئة عمرية تهتم بالتشويق والتركيز على كل ما يجذب الإنتباه.
  • أن تناسب مع المراحل العمرية المختلفة التي يستهدفها، لكي يسهل على الطفل إِستيعاب ما فيه وتحقيق الهدف العام منه دون صعوبة.
  • أن ساهم في تقديم التربية الخلقية للطفل، وتعليمه الصفات الحميدة ومعاني الخير.
  • أن ستخدم لغة سهلة بعيدة عن التكلف والمعاني الخفية، بحيث تساهم في إيصال المعلومة للطفل بسهولة وسرعة دون عنا.
  • الإختصار دون مماطلة، كون الطفل يشعر بالملل بسرعة على عكس الكبير، ويسعى للتعلم بشكل سريع.
  • التركيز على الشكل والمضمون بشكل متساوي كون الطفل يميل إلى الشكل على عكس المضمون، ولذا يجب التسوية بينهم في تقديم أدب الأطفال.
  • اختيار عناوين جاذبة، تحمل من الإثارة والتشويق والتسلية التي يرغب بها الطفل.
  • ان لا يكثر في الخيال، بل يجب أن يلامس الواقع، لخلق فكر متزن يحيط بالأحداث والقضايا على أرض الواقع، ويزيد من قدرة الأطفال على التعلم والإدراك للعديد من الأمور الحقيقية وطريقة التصرف فيها.[7]
  • الإبتعاد عن الترهيب والتخويف، كون ذلك يتنافى مع حقوق الطفل، ويضر بالحالة النفسية للطفل ويعود عليه بتأثير سلبي.
  • إثراء القاموس اللغوي للطفل بالعديد من المصطلحات والمفهومات اللغوية التي تحسن من مستواه الأدبي وتكسبه مهارات لغوية عديدة.

موضوعات أدب الأطفال

تتعدد موضوعات أدب الأطفال في العديد من الأشكال لتحقق العديد من الأهداف، ومن تلك الأنواع التي يشملها أدب الأطفال ما يلي:[8]

  • القصة، وهي تمثل فن أدبي أساسي يحاكي الواقع والخيال من خلال تقديم فكرة معينة من خلال حكاية تمثل في أي زمان أو مكان، وتشمل شخصيات تعبر عن تلك القصة، ويتمثل دور الكاتب في طريقة السرد الروائي للقصة بأسلوب معين يتأقلم مع مستوى الوعي لدى المتلقي.

كما أن القصة تعد من أفضل الفنون الأدبية للأطفال لما فيها من خيال وتشويق واثارة لمشاعره ولفت لانتباهه، كما أن القصة تتمثل في عدة أنواع، وكل نوع منها يؤدي غرض معين، وتلك الأنواع كما يلي:

  • الرواية، وهي حكاية مطولة تركز على حدث ما في زمان معين.
  • القصة، وهي أقصر من الرواية، تليها القصص القصيرة والاقصوصة
  • قصص الخيال، وهي القصص الغير واقعيه والتي تروي عن موضوع من نسيج الخيال.
  • قصص الخرافات والأساطير، وهي القصص الغير واقعيه والتي تروي أحداث ماضية من نسيخ الخيال تناقلتها الأجيال.
  • القصص الدينية، وهي القصص التي تروي قصص وأحداث دينية لتحقق هدف التربية الأخلاقية والدينية، مثل قصص الأنبياء والصحابة وغيرها.
  • القصص الشعبية، وهي القصص المحلية المتداولة والتي قد تكون بلهجة البلد نفسه وتقدم حكم وامثال وحكايات قديمة، تروي عن تاريخ وحضارة البلد وعادات وتقاليد شعبه.
  • القصص الفكاهية، وهي القصص التي تهدف للتخفيف من التوتر والحزن لدى الطفل.
  • قصص المغامرات، وهي القصص التي قد تثير الفضول لدى الطفل، مثل قصة سندباد.
  • القصص الواقعية والتوعوية، وهي القصص المستمدة من الأحداث اليومية بغرض توعية الطفل وتقديم النص والإرشاد بطريقة جذابة.
  • الشعر والأغنية، وهي نوع آخر من أدب الأطفال، التي تمثل أهمية كبيرة لدى الطفل في خلق جو من المتعة والتعلم، حيث تتمثل أهمية هذا النوع الأدبي لدى الأطفال فيما يلي:
    • تبعث السعادة والبهجة والسرور داخل النفس
    • تسهم في بيان قدرات الطفل ومواهبة.
    • تمثل إحدى الوسائل التعليمية التي يستفيد منها الطفل في نباء قدراته ومهاراته العلمية والعملية.
    • تساهم في التربية الدينية والخلقية وتعزز في داخل الطفل القيم والأخلاق الحميدة وحب الوطن.
  • الكتب التعليمية، والثقافية، والمناهج الدراسية.
  • الأدبيات، كـ المقالات، والامثال، والحكم، وغيرها.
  • الأدب المسرحي
  • وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، كـ التلفاز، والإنترنت، وغيرها

الأسلوب والمضمون في أدب الأطفال

يمثل الأسلوب مكون رئيسي في أدب الأطفال، كون المضمون مهما بلغ من قوة واصاله لا يمكنه التأثير وتحقيق الهدف وايصال المعنى بسلاسة، كما أنه لا يمكن تحديد مواصفات معينه لهذه الأساليب الأدبية، كون المضمون هو من يحدد الأسلوب. ولذلك يجب أن تحدد العلاقة بين الأسلوب والمضمون لبناء أساس هذا النوع الأدبي[9].

كما أن هذا الأسلوب يتطلب تحديد الخصائص العامة لأسلوب أدب الأطفال، من أهم تلك الخصائص هي دقة الأسلوب وقوته وجماله، كذلك الوضوح والبساطة في المعاني اللغوية.

كما أن القوة في الأسلوب يعتمد على ما يثير إحساس الطفل ويوقظ مشاعره من منبهات ومثيرات تسهم في تحرير الوعي لديه، ومن جانب آخر نجد الجمال في الأسلوب حيث يظهر تناغم وانسجام بين المفردات والمعاني من خلال التعبيرات التي تمثل سلاسة في اللفظ والمعنى، وكذلك في الإنسجام بين المواقف والأفكار، وكل ما يثير تلك المشاعر دون أي عناء أو تصنع.

ويعد الشاعر أحمد شوقي أنه أول من سعى في وضع القواعد الأساسية لأدب الأطفال الحديث في العالم العربي من خلال أعماله التي قدمها في هذا المجال.

ومن تلك الأعمال نجد قصة اليمامة والصياد، وقصة الثعلب والسفينة، وغيرها من الأعمال التي أثري هذا المجال الأدبي بها، بعد دراسته في فرنسا واطلاعه على أدب الأطفال هناك وسعيه في اظهار هذا المجال الأدبي في الوطن العربي.

قيم أدب الأطفال

كما عرفنا سابقاً أن أدب الأطفال يساهم بشكل كبير في تنمية وتعزيز القدرات الداخلية للطفل من خلال الإطلاع على هذا المجال الأدبي وأنواعه المختلفة، ولذلك يتوجب على الأسرة والعاملين في المجال التربوي في تقديم الرعاية اللازمة للطفل في تعلم الفنون الأدبية الموجهة لهم والإستفادة منها في تنمية القدرات لدى الأطفال.

كذلك فإن أدب الأطفال لا يقتصر دوره على بناء الأساس المعرفي لدى الأطفال فحسب من خلال التفوق الدراسي والعملي، بل يمتد ليحقق أهداف أخرى في العديد من المجالات، ولذا فإن أهمية هذا المجال الأدبي تظهر في منحه للفرص لإبداء الآراء وتقييم التراث الثقافي ومن أجل مساندة الطفل على تنمية قدراته وعواطفه وابداعه وكذلك شخصيه ومهاراته العلمية والإجتماعية، ويشمل هذا الأدب على العديد من القيم الإجتماعية والتربوية والتعليمية التي تساهم في التربية الخلقية والدينية والإندماج مع المجتمع المحيط به والتفاعل معه.

أولاً: وتمثل أول قيمة في كون أدب الأطفال يساهم في تعزيز الفرصة لدى الطفل في التفاعل مع المواد الدراسية وطرح الآراء الخاصة بهم في مختلف المواضيع المرتبطة بذلك، ما يساهم في النمو الجانب المعرفي لدى الطفل من خلال التشجيع على التفكير والمناقشة في ذلك.

ولذلك يمكن القول أنه في الغالب لا يمكن للأدب الإفصاح للقراء عن كل شي، وذلك ما يجعل في التعدد بالآراء والنقاشات المستندة إلى وجهات نظر قائمة على توجه خاص لكل شخص، ولذلك فإنه من الممكن للطفل التعلم في تحليل الأدب وتقييمه، إلى جانب فهم النصوص الأدبية وتلخيص مضمونها والنقاش حولها من خلال الآراء والنظريات المختلفة.

ويمكن القول إن هذا التوجه يمكن أن عمل على تعزيز القدرة المعرفية للطلبة عن طريق طرح الآراء الخاصة والتعبير عما يجول في ذاتهم من خلال السياق اللغوي.

ثانياً، إن أدب الأطفال قد يساهم في تحفيز الطفل في دراسة التراث والعديد من الثقافات، كونه يساهم في التطور الإجتماعي من خلال تطور المواقف ذات الطابع الإيجابي حول التراث والثقافات المختلفة.

إلى جانب ذلك، يجب الاهتمام الكبير بـ إختيار المادة الملائمة للقراءة، وذلك لوجود عدد كبير من المواد الأدبية من قصص وحكايات تحمل في طياتها نماذج أدبية ضعيفة من حيث إفتقارها للقوة اللغوية والدقة في المعلومات المطروحة حول الثقافات والشعوب.

ومن الأمثلة على ذلك الكتب والمؤلفات التي صورت بعض الشعوب أمثال السكان الأمريكيين الأصليين بأنهم قوم غجر على عكس الواقع والتاريخ الصحيح، فصورتهم على أنهم يقطنون بيوت من الجلد مخروطية الشكل مع أنهم كانوا يسكنون في بيوت طويلة، ويمثلون ثقافه عريقة في مختلف الجوانب والمجالات على عكس ما نقلته تلك الكتب من صورة نمطية مسيئة أو ساخرة لهم خارجة عن الواقع والتاريخ الصحيح.

ولذلك فإن من الضروري من جانب المسؤولية على الأسرة والمجتمع ومن له صله، بالمساهمة في إختيار الكتب والأدبيات المناسبة للطلبة من أجل تقديم المعلومات الصحيح وترسيخ القيم والمبادئ النقية والخالصة التي تعطي صورة واقعية حول الثقافات والشعوب المختلفة وتدريس التراث الثقافي المحلي بصورة سليمة.

ثالثاً، يساهم هذا المجال الأدبي المخصص للأطفال في بناء وتطوير الجانب العاطفي والأخلاقي للطفل، حيثُ إن أدب الأطفال يشمل على العديد من اللحظات التي يتعمد شخصياتها إلى المضي وفق قرارات ذات توجه أخلاقي وذلك من خلال بعض الدوافع من وراء تلك القرارات. وهذه تمثل إحدى المهارات الضرورية التي يتوجب على الطالب العمل على فهمها وتطبيقها في دراسته الأدبية.

المصادر

[1] علي الحديدي، في أدب الأطفال، الدار المصرية للكتاب – القاهرة، ص 63 – 6

[2] محمد محمود رضوان، أدب الأطفال، الإسكندرية، ص 7 – 15

[3] محمد عناني، الأدب وفنونه، دار الينابيع - دمشق، ص 19

[4] هادي الهیتي، أدب الأطفال فلسفته فنونـه وسـائطه، سلـسلة عـالم المعرفـة – الكويت، ص 71 – 72

[5] هــادي الهیتــي، ثقافـــة الأطفــال ، مكتبـــة النهــضة – بغـــداد، ص 155 – 233 – 97 – 99

[6] محمد الخطيب، الطفولة في التنظيمات الدوليـة والإقليميـة والمحليـة، الرياض، ص 119

[7] أحمد نجيب، أدب الأطفال علم وفن، ص 38 - 41

[8] د. أشرف الوحش، أدب الطفل أنواعه وأهدافه

[9] هادي الهیتي، ثقافة الأطفال، مكتبة النهضة، بغداد، صـ 155 – 233 – 97 – 99