الزواج في الشريعة الإسلامية عقد الزواج الشرعي وشروطه ومقاصده

الزواج في الشريعة الإسلامية عقد الزواج الشرعي وشروطه ومقاصده
الزواج في الشريعة الإسلامية عقد الزواج الشرعي وشروطه ومقاصده

المقدمة

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد ﷺ المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يمثل الزواج احدى المسائل الهامة في الحياة ، ويمثل ركن اساسي في بناء المجتمعات ، ولذلك فقد عنت الشريعة الإسلامية بهذه المسألة لأهميتها القصوى ، وجعلت في الزواج وقضاياه المختلفة العديد من الكتب والمؤلفات في الفقه الإسلامي ، والزواج يحقق تكوين الأسرة التي تمثل اساس المجتمع ، وكذلك يمثل الزواج دور اساسي في تحديد توجهات المجتمع والمضي نحو تحقيق اهدافه ، وفي ذلك قوله تعالى ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [سورة الذاريات الآية 49] ، ويعد الزواج تكريم من الله للإنسان ، حيث يمثل العلاقة الشرعية التي تربط بين الزوجين ، لتحقيق البناء الإجتماعي بشكل منظم ، كذلك تلبية لاحتياجاته الضرورية بالصورة التي تضمن للإنسان كرامته كما هو حفاظاً للنسل والأموال والمجتمعات.

وتكوين الأسرة من الضروريات في استمرارية الحياة ، فبالزواج تسود البركة والرضى المحبة في العلاقة الزوجية وبين افراد الأسرة بصورة تكافلية مشتركة ، قال الحق عز وجل ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [سورة الروم الآية 21] ، ولتلك الاهمية فقد نظم الاسلام شروطاً لإقامة الزواج بالطريقة المشروعة والتي تكفل الحقوق والواجبات لكلا طرفي العلاقة الزوجية.

وتظهر اهمية الزواج في كافة التشريعات السماوية والأنظمة الوضعية والمؤلفات والنظريات الاجتماعية ، ولكن نجد ان الشريعة الاسلامية تمثل المصدر الابلغ والأكثر دقة وصدق في وضع ضوابط العلاقة الزوجية المشروعة ، لما تتوافق معه المصلحة العامة في تكوين الاسرة وبناء المجتمع ، فـ أحكام الشريعة منزلة من لدن حكيم عليم ، فهو الاعلم بما فيه الخير والصلاح لعبادة.

عقد الزواج في الإسلام وشروطه

جاءت أحكام الشريعة الإسلامية لتحقيق ما فيه الصلاح للعباد ، وفي الزواج فقد وضع الشارع الحكيم عز وجل عدد من الشروط التي تحقق العلاقة الزوجية الصحيحة ، وتلك الشروط موجبة من باب الإلزام ، لكون المسمى يفسر الوجوب ، فشرط في اللغة هو مفرد شروط ومعناه الإلزام او الالتزام بالشيء ، ويعرف الشروط في الشرع بأنه الوجوب او الإلزام بالأمر فلا يتم إلا به ، وكذلك ما يتوقف عليه وجوب حكم او أمر شرعي ، قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ﴾ [سورة المائدة الآية 1] ، وهو امر يحمل دلالة على اهمية العقد والإيفاء بشروطه المتفق عليها.

وفي الزواج وضعت شروط للانعقاد ، وهي ما نص عليه العقد في الإلزام بالقبول قولاً وعملاً ، فإن تم الاتفاق عليها صح العقد ، وإن اختلف شرط يبطل العقد ، ولا تغير هذه الشروط حتى إن توافق الطرفان ، كونها شروط مثبته شرعاً.

وشروط التعاقد وأركانه تختلف بين المذاهب تنظيماً ، وتتفق إجمالاً بينها جميعاً ، فنجد كل مذهب وضع اركان في صحة التعاقد فأصحاب المذهب المالكي ، يرون ان أركان التعاقد اربعة وهي : الولي ويشترط فيه ان يكون مسلم عاقل بالغ ذكر ، والصداق المتفق عليه ، المحل ويقصد به الخلو من الموانع الشرعية بين الزوجين كـ الإسلام والعقل والبلوغ والتمييز والصحة والكفاءة وغيرها .. ، الصيغة الصحيحة بالإيجاب والقبول وما يشترط فيها.

اما عند الشافعية فهي اربعة اركان : الصيغة والزوجة والشهادة والعاقدان، ويعنى بالعاقدين الولي بالتعاقد ، وفي المذهب الحنبلي اختصرت الاركان إلى ثلاثة وهي : الزوجان القابلين للزواج دون مانع شرعي ، والإيجاب بالتعاقد ، والقبول بالرد لما اوجب قوله.

وعند الحنفية يختلف التصنيف فقد حدد عقد الزواج بركن واحد متمثلا بالإيجاب والقبول ، إضافة لذلك وضعت عدة شروط في التعاقد مصنفة كالتالي: شروط الانعقاد ، وشروط الصحة ، وشروط النفاذ ، وشروط اللزوم.

وفي النظر لتلك الشروط الموضوعة في إنعقاد الزواج الصحيح ، نجد ان لا خلاف فيها بين المذاهب ، ويظهر بعض الفروقات في درجة كل شرط وتنظيمها ولا خلاف في مجملهاً.

الإيجاب والقبول

يمثل الإيجاب والقبول في عقد الزواج ركن اساسي يتحقق به مشروعية العقد الموضوع ، حيث يكون ذلك في اللفظ الصريح الدال على الإيجاب والقبول بكامل الحرية والاختيار لكلى طرفي العقد ، ويعد الإيجاب انه الطلب اللفظي الصادر أولاً من اي طرف في العقد ، ويكون الإيجاب لفظاً او بما يقام مقام اللفظ ، ومن ثم يأتي القبول ليمثل ما صدر ثانيا من الطرف الاخر في العقد ، فإن تم القبول بالموافقة صح الانعقاد وتم الزواج ، اما في الرفض فيبطل العقد ولا يتم الزواج.

ومسألة الإيجاب او القبول متبادلة بين طرفي العقد ، فـ إن صدر الإيجاب من الرجل يعود القبول على المرأة ، كـ قول الرجل: تزوجتك او تزوجت موكلتك بمهر معلوم مقدر ... ، فيأتي القبول من المرأة او وليها بالقول: قبلت زواجك بي (بموكلتي) على المهر المذكور ...

والعكس من ذلك صحيح فقد يأتي الإيجاب من المرأة او وليها بالقول: زوجتك نفسي (موكلتي) على مهر قدره ... ، ويكون إيجاب الرجل بالقول: قبلت الزواج منك (من موكلتك) على ما ذكرت من المهر ... ، فنلاحظ ان لا فرق في تبادل الدور بين الطرفين بشرط ان يتم بالشكل الصحيح لفظاً او ما ينوب عنه إن تعذر في ذلك.

 والمشروع حكماً بتقدم الإيجاب وثم القبول رداً على ما اوجب قبله ، ولكن نجد بعض الروايات وقوانين الاحوال الشخصية في عدد من الدول الإسلامية تقتضي بأن يتقدم الإيجاب من ولي المرأة ، ثم يأتي القبول من الرجل ، ولا خلاف في ذلك من الجانب الفقهي.

كما يشترط في الإيجاب والقبول ، ان يكونا في نفس مجلس العقد ، كما يجب الفورية في التعاقد والانجاز به فلا يصح التعليق والإضافة والتطرق لشيء اخر للمماطلة ، ويلزم بالإيجاب والقبول ان يكونا صريحا النص والمعنى وذلك حتى لا يقع الشك واللبس في صحة التعاقد ومصداقيته. ايضا في وجود التوكيل او الولاية بالتعاقد لأي طرف يعود الأمر إلى الوصاية شرعاً ، اما غير ذلك فيستوجب التأكيد من صحة التوكيل للإيجاب والقبول سواء بالكتابة او اللفظ على التوكيل.

العاقدان والمعقود عليه

يستوجب العاقدين في صحة عقد الزواج ، ويوجب في ذلك عدد من الشروط التي تحقق صحة عقد الزواج من بطلانه ، وقد حددت الشريعة الإسلامية هذه النقاط فيما يلي:

  • الأهلية في التعاقد ، ويشترط بها العقل والبلوغ ، سواء للعاقد نفسه او للعاقد بالولاية او التوكيل ، فلا يصح عقد الجاهل لما يعقد عليه كالمجنون والصبي.
  • الإسلام ، فلا يصح عقد المسلمة لغير المسلم ، ولا خلاف في هذا الامر بين كافة المسلمين ، لما جاء في قوله عز وجل ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [سورة الممتحنة الآية 10]
  • ان يحل الزواج بين طرفي التعاقد ، ويقصد به عدم وجود اي موانع شرعية تحرم انعقاد الزواج بينهما .
  • ان لا تكون المرأة مشركة او ملحدة ، فلا يصح الزواج من المرأة الغير المؤمنة سواء بأي من دين سماوي توحيدي.
  • ان لا يقع التعاقد عند الإحرام بالحج او العمرة لأي من العاقدين ، لما جاء في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ (لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ) [رواه عثمان بن عفان وأخرجه مسلم في صحيحة] ، ولا يشترط اصحاب الحنفية في ذلك.

الشهود وإعلان التعاقد

تمثل الشهادة في عقد الزوج إحدى الشروط الهامة فيه المعنية بـ الإيجاب والقبول ، ويعني بالشهادة بأنها الإعلان او الإعلام بالشيء لغةً ، ويشترط الشهود في عقد الزواج للإثبات على صحة التعاقد بالإيجاب والقبول وكذلك للتأكيد على كافة الشروط المتفق عليها في العقد والدلالة على ذلك بالإثبات شهادتهم للعقد إن لزم ذلك الأمر لاحقاً.

وتختلف الآراء في هذا الشأن ، فيرى البعض انه لا يشترط بالشهادة في إنعقاد الزواج فيصح الزواج بها او بدونها ، اما الحنابلة يرون على اشتراطها في عقد الزواج من خلال الأخذ بالمنقول والمعقول او القياس في المسائل فتقاس الشهادة بالنكاح تقاس على مقصدها في البيع كما امر الله في قوله عز وجل ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [سورة البقرة الآية 282] ، ويرون من ذلك مشروعيتها لما فيها من مصلحة للمتعاقدين.

ويتطلب عقد الزواج وجود شاهدين اثنين ، يشترط فيهما عددا من النقاط التي تحقق المقصد العام من اشتراطهما في العقد ، وهي : الإسلام ، يشترط الإسلام في الشاهدين عند العقد بين زوجين مسلمين ، ولا يشترط ذلك في الزوجين غير المسلمين ، والتكليف بالعقل والبلوغ ، العدل والاستقامة ، الذكورة ، كذلك الاستطاعة في السمع والبصر والنطق والتركيز سواء بالتيقظ او الإستيعاب لما يعقد عليه بالفهم او اللغة ، كما يرى البعض من جمهور العلماء اشتراط ان لا يكون الشهود من الفروع اي ابناء أحد الزوجين.

الحقوق الزوجية في الشريعة الإسلامية

لأهمية العلاقة الزوجية فقد وضع الإسلام آداب وسلوكيات تحفظ الحقوق وتنظم هذه العلاقة بالشكل الصحيح الذي يضمن في نجاح العلاقة ، وهذه الحقوق متبادلة بين الرجل والمرأة ، فنجد في حقوق الزوج على زوجته مايلي :

  • التزام الزوجة بالسمع والطاعة لزوجها بالمعروف والشكل الذي يحفظ كرامتها وحقها الشرعي ، وبما يتوافق مع ما حدده الشرع ، فهذه الطاعة تحقق مصلحة مشتركة بين الزوجين ، ولا طاعة لمخلوق في معصية خالقه.
  • الإهتمام به ، وحفظ بيته وابنائه وماله ، والعمل على تحقيق السعادة والهدوء والراحة بما يتلاءم مع امكانيتها وقدرتها ويحفظ كرامتها ، وانصياعاً لما يتوافق مع احكام الشرع.
  • ترك كل قول او فعل يؤذي زوجها ، ويسيء لسمعته وكرامته ، والاحترام المتبادل بينهم.

وغيرها من الحقوق للزوج على زوجته بما يتوافق مع المصلحة المشتركة ، وقواعد الشريعة الاسلامية ، وايضاً هنالك حقوق للزوجة على زوجها كما امر في ذلك سبحانه وتعالى ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [سورة النساء الآية 19] ، ومن هذه الحقوق مايلي:

  • النفقة عليها بالمعروف وتوفير الحياة الكريمة لها من مسكن ومأكل ومشرب وملبس ، وتلبية احتياجاتها ومتطلباتها الرئيسية.
  • حفظ شرفها وكرامتها وان يغار عليها بالشكل الذي لا يحرمها من حقوقها المشروعة.
  • حسن الخلق في المعاشرة والرفق بها والتجاوز والصبر وتقديم النصيحة والارشاد.

مقاصد الزواج في الإسلام

شرع الزواج في الإسلام واكد على ذلك في العديد من الأدلة الشرعية من القرآن والسنة النبوية ، وفي ذلك مقاصد واحكام عظيمة تحقق بالزواج الصحيح ، ومن تلك المقاصد مايلي :

التكاثر والتناسل

يمثل التكاثر والتناسل والحفاظ على الجنس البشري وإعمار الأرض ، من المقاصد الاصلية للزواج في الشريعة الإسلامية ، فالزواج هو السبيل في الإنجاب والتكاثر المشروع ، وإعمار الأرض هدف سامي في خلق الإنسان ،

، وكلها عبارات تؤدي معنى واحد فالإنجاب أو كثرة الإنجـاب ؛كـي يتحقق التناسل المطلوب؛ فيعمر الكون ، وهذا لا يتحقق إلا عن طريق الزواج فالحفاظ على النسل وبقائه هو المقصد الشرعي للزواج ، يعني مقصود الاله من تشريع الـزواج ، كما جاء في قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [سورة الفرقان الآية 74] ، وفي هذه الآية دلالة على أهمية التناسل وإقرانه بالزواج المشروع.

وفي دعاء زكريا ربه كما جاء في قوله تعالى ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ﴾ [سورة آل عمران الآية 38] ، وفي قوله عز وجل ﴿وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ [سورة مريم الآية 6] ، ودعوة الانبياء كإبراهيم وزكريا وغيرهم بالذرية الصالحة ، كون التناسل والإنجاب هدف اساسي في مقاصد الزواج.

وايضا ما جاء عن النبي ﷺ في قوله (تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمـم يـوم القيامة) [رواه الشافعي عن ابن عمر وصححه ابن حبان] ، ولكن لا نعني بان التكاثر والتناسل ضرورة قصوى ومقصد واجب التحقيق في الزواج ، فقد يعذر الإنجاب لسبب ما ، قال تعالى ﴿وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا﴾ [سورة الشورى الآية 50] ، فلا يعني ان وجود مانع في التناسل والإنجاب سبب مبطل للزواج ، كون التناسل مقصد مستحب في الإختيار ، وأحيانا قد يصبح ضرورة في الاتخاذ.

فإن كان السبب في صعوبة الإنجاب خاص بالمرأة فقد أحل الشرع طرق اخرى دون فسخ الزواج ، فقد أحل له تعدد الزوجات لـ أربع كحد اقصى ، ووضع في ذلك عدد من الشروط التي تنظم تلك العملية كالعدل والمساواة بين الزوجات بما يرضي الله ، قال تعالى ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [سورة النساء الآية 3].

تنظيم الانساب وحفظ الفروج

جاءت الشريعة الإسلامية لتنظم العلاقة بين الجنسين على اسس مشروعة يحققها الزواج الشرعي ، وذلك من اجل حفظ الانساب من التداخل والاختلاط وضياعها ، وتنظيم الهيكل الاسري ووضع في ذلك شروط منظمه لهذه العملية ، كما يمثل حفظ الفروج وتلبية رغبات الانسان بالصورة الصحيحة والمشروعة.

ان حفظ الفروج وتنظيم الانساب يتعلقان ببعضهما ، كون العلاقة الشرعية المستندة على حفظ الانسان من الوقوع في الرذيلة والعلاقة الغير مشروعه يحقق له حفظ في الانساب والنسل دون اختلاطها ، وذلك يحقق حفظ للحقوق.

حيث نجد ان الله حرم الزناء كونه علاقة غير مشروعه يترتب عليها العديد من المضار للإنسان قال تعالى ﴿وَلَا تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلًا﴾ [سورة الإسراء الآية 32] ، وكذلك ما جاء في حديث النبي ﷺ حين قال (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ) [رواه ابن عباس واخرجه البخاري في صحيحه] ، فجعل تلك العلاقة الغير مشروعة ذنب عظيم ولها عقوبة في الدنيا والأخرة ، وكذلك نجد التحريم في الزواج الغير صحيح كزواج الأرحام والمحارم ، وكذلك تحريم الزواج من البغايا والكافرات ، قال تعالى ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾ [سورة النور الآية 26] ، وقوله ﴿الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة النور الآية 3] ، ونجد هذا التحريم ينطلق من واقع وعلم ومعرفة ، ويحقق مصلحة المجتمع المسلم.

كذلك العديد من المقاصد والأهداف المشروعة من الزواج في الإسلام ، بما يتوافق مع المصلحة ، التي لا تتعارض مع احكام الشرع ، كـ زواج اليتامى واعطائهن صدقاتهن بالمعروف ،

لتجنيبهن من الوقوع في الفواحش وحفظ مالهن والتكفل بهن بطريقة مشروعة من خلال الزواج ، وكذلك الحال للعبيد كما جاء في قوله تعالى ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [سورة النور الآية 32] وغيرها من المقاصد الشرعية في الزواج.

الخاتمة

في الختام ، نلاحظ ان هذا المقال قد ركز على جانب مهم في بناء المجتمع والحفاظ على آمنه واستقراره وحمايته من التفكك والانهيار ، كما ان هذا المقال قد توصل لعدد من النتائج والتوصيات، وذلك كما يلي:

مما سبق ، نرى ان الإسلام اولى الزواج اهتمام كبير لما فيه من مصلحة إجتماعية وانسانية وغاية كبرى في الخلق ، في إعمار الارض والحفاظ على الجنس البشري ، واستمرارية الحياة ، ولذلك فقد نظم الإسلام هذه العلاقة المشروعة بالطرق الصحيحة التي تحقق الغاية منه ، وذلك ما نجده من القوانين والتشريعات الاسلامية منذ البدء في العزم على الزواج فقد وضع نصائح في حسن الاختيار للزوجة من خلال احاديث نبوية ونصوص قرآنية تحدد ذلك ، ثم في الخطوبة وما يتعلق بها من إجراءات ، واولت الشريعة الاسلامية اهتمام كبير في وضع اركان وشروط اساسية في عقد الزواج ، من كيفية التعاقد وصحته والالتزام به.

لم تتوقف الشريعة الاسلامية عند اتمام الزواج فحسب ، بل استمرت الرعاية والتوجيه في العديد من المسائل بعد الزواج التي تحقق في بناء الاسرة والمجتمع وحفظهما من التفكك والانهيار ، فوضعت ضوابط وتشريعات تعطي كل من الزوجين حقوقه من الاخر.

كذلك وضحت الشريعة الاسلامية حلول في العديد من المسائل المتعلقة بالزواج ، ووضعت ضوابط تحدد الزواج المشروع من الزواج الغير مشروع ، وتحريم الاخر وتوضيح ما يحتمله من اضرار توثر على المجتمع المسلم.

كذلك يجب النظر في المشاكل الزوجية التي نواجهها في واقعنا والبحث عن سبيل في إنجاح العلاقة الزوجية والوصول لحل مرضي لكلى طرفي الزواج ، وذلك من خلال إعداد البحوث والدراسات الدقيقة في تلك المسائل.

يجب التوعية بأهمية الزواج ، سواء اولياء الأمور او الابناء ، وتوضيح الحقوق والواجبات الزوجية ، حتى تنعم الاسرة بالاستقرار فكل منهم يعلم بما له من حقوق من الاخر ، لما نلاحظه من ازدياد قضايا الطلاق والنزاع بين الزوجين في المحاكم ، كذلك السرعة في حل النزاعات بين أطراف الزواج بالطرق المشروعة ، والبدء في الصلح فإن فيه الخير.

المراجع

  • أ د حسن السيد حامد خطاب ، 2019م ، مقاصد النكاح وآثارها (دراسة فقهية مقارنة) ، من قضايا فقه الأسرة.
  • د عبد اللطيف محمد عامر ، الطبعة الثانية 2005م ، أحكام الأسرة في الإسلام (الجزء الأول) في أحكام الزواج.
  • محمد رأفت عثمان ، عقد الزواج أركانه وشروط صحته في الفقه الإسلامي
  • عبد الله بن جار الله ، الزواج وفوائده وآثاره النافعة
  • تقي الدين ابن تيمية ، أحكام الزواج ، تحقيق محمد عبد القادر عطا ، نشر دار الكتب العلمية بيروت
  • خلود بدر الزمانان ، شروط عقد النكاح في الفقه الإسلامي ،دراسة ماجستير في تخصص الفقه وأصوله بجامعة الشارقة