أدب الاطفال : دور القصة القصيرة في أدب الأطفال في دولة الامارات

أدب الاطفال : دور القصة القصيرة في أدب الأطفال في دولة الامارات
أدب الاطفال : دور القصة القصيرة في أدب الأطفال في دولة الامارات

المقدمة

يناقش هذا المقال دور القصة القصيرة في أدب الأطفال في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويشتمل المقال على جانب نظري وجانب تطبيقي، فيقدّم الجانب النظري نقاش لمفاهيم القصة القصيرة وأدب الأطفال ودورها الفاعل في تنشئة الأطفال. أمّا الجانب التطبيقي فيتتبع حضور القصة القصيرة في كُتُب اللغة العربية للمراحل الإبتدائية والإعدادية والثانوية.

ويأتي هذا الموضوع إيمانًا بمكانة القصة القصيرة وأهميتها الكبيرة في أدب الأطفال، فهذا النوع من الأدب يعدّ أحد أهم أنواع الفنون الأدبية التي تشمل على عدد من الأساليب المتنوعة نثرًا وشعرًا؛ لتُشكِّلَ إنتاجًا أدبيَّا يمتاز بأسلوب معين يتوافق مع مراحل الطفولة المختلفة مما يُساهم في تربية الأطفال وتعليمهم، فيكتسبون قيمًا تربوية تُغرس من خلال قراءتهم، كما يكتسبون علمًا ومهاراتٍ لغوية.

بدأت المجتمعات بالإهتمام بالقصة القصيرة في الفترة التي أدركوا فيها الأهمية الكبيرة للقصة في بناء شخصية الطفل والدور الذي تساهم به في مراحل نمو الطفل المختلفة إذ نجد القصة لها تأثير كبير في تعزيز الجوانب النفسية للطفل في المراحل المختلفة من عمره، من خلال ما يمر به من حالة في تأمل داخلية والتقليد والقدوة، ولذا فإن القصة تهدف في تهذيب النفس وتلطيف العواطف النفسية وتعزيز المشاعر والأحاسيس الداخلية والحد من التوتر والقلق والإنفعالات، ولذا فقد كانت القصة أسلوب تربية وتهذيب للطفل في مختلف الحضارات والعصور في حياة الإنسان.

ولذا فإن رواد علم النفس واخصائيين التربية الإجتماعية يرون أن الحوار القصصي من أفضل الأساليب التربوية للطفل في توجيه السلوك الإجتماعي والتربوي.

تمثل مرحلة الطفولة أهمية كبيرة في حياة الإنسان، فالطفل هو البنية الأساس في المجتمع وعماد إستمرار المجتمعات، حيث يمكن للمجتمع رؤية مستقبله من خلال أطفاله، ولذلك فقد إعتنى المجتمع بهذه المرحلة في مختلف جوانب الحياة ومجالاتها.

كما نجد تخصيص نوع أدبي خاص بهذه المرحلة عُرف بـ أدب الأطفال، وهو أحد الأنواع الأدبية المتجددة في الآداب الإنسانية، فمرحلة الطفولة تمثل البذرة المأمولة في بناء مستقبل المجتمع.

وتمتاز القصة القصيرة عن غيرها من الأنواع الأدبية الأُخرى لدورها الكبير في زرع النواة الأولى في تنشئة الطفل وغرس المبادئ السامية والنبيلة، والسير وفق منهج متزن وصحيح في الأخلاق والرؤى الإجتماعية، وكذلك التوافق مع المبادئ الإجتماعية والقيم الدينية والتشريعية، التي تسعى في إشباع الإحتياجات الأساسية للطفل سواء التربوية، أو النفسية، أو الفنية وغيرها، وذلك من أجل بناء الفكر التربوي لهم وتهذيب سلوكياتهم وانفعالاتهم.

إن كاتب قصص الأطفال دائماً ما يعمل على توجيه خطابه لفئة محددة وهم صغار السن، ولذلك نجده يستخدم لغة خاصة ومصطلحات تتناسب مع تلك الفئة العمرية؛ للمساهمة في تنمية الإحتياجات الأساسية للطفل. وكذلك فإن رواد علم النفس وأخصائيين التربية الإجتماعية يرون أن الحوار القصصي من أفضل الأساليب التربوية للطفل في توجيه السلوك الإجتماعي والتربوي. ومن هذه المنطلقات.

القصة القصيرة بوصفها فنًّا نثريًّا ضمن فنون الأدب ظهرت في العصر الحديث، وإن كان لها حضور وجذور في التراث الأدبي تعود بداياته إلى المرويات التي رُويَت عن ملاحم العرب، وكذلك القصص القرآني والنبوي والمقامات في العصر العباسي.

التعريف اللغوي للقصة القصيرة

نجِد في مادة (قصص) في المعاجم اللغوية: "قَصَّ القصَّةَ على أهله: اي حكاها، أو رواها لهم، وهي بمعنى الإخبار كقولنا أخبرهم بها "قصّ عليه الرُّؤيا: أخبره بها". فالمعنى الأساسي للقصة لغةً يُشير إلى "الحديث والخَبَر". والقصة في اللغة إسم مشتق من الفعل " قَصَّ يَقُصُّ قَصًّا"، حيث يمكن القول إن لدية قصة في مخيلته، بحيث توصل الكلام بشكل روائي[1]، وقد قال تعالى ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَص﴾[2]، وهو البيان أي بمعنى بينا لك أفضل التبيان، ويمكن القول ايضاً قصصت الأمر، أي إتباع آثاره خطوة بخطوة، كما جاء في قوله تعالى ﴿وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾[3]، أي بمعنى إتبعي آثاره.

كما أن القصة هي الخبر، بحيث يمكن القول: "قص عليّ خبره"، والقصص بفتح القاف هو الخبر المقصوص، حيث إنه وضع في موضع المصدر حتى أصبح الأغلب فيه، والقصص بكسر القاف هو إسم الجمع لـ القصة المكتوبة، ويعني تقصص الخبر أي إتباعه، حيث إن القصة هي الأمر والحديث، واقتصاص الحديث بمعنى روايته على وجه، كما لو أنه يتبع معانيها وألفاظها، ويمكن القول خرجت قصصا في أثر ما، بمعنى إقتصّ آثاره وأتتبعها.

مفهوم القصة القصيرة

في البداية نُشير إلى أنّ القصة نوع من أنواع السرد الأدبي سواء الخيالي أو الواقعي، الذي قد يتمثل في النثر أو الشعر بنية الترغيب أو الترهيب من أمر، أو التعليم والتثقيف للقارئ، بحيث يمكن تمثيل خطوات كتابة القصة من خلال الحبكة واختيار الشخصيات الملائمة وتحديد الأهداف والمواقف لكل شخصية بحيث يمكن خلق أجواء خاصة تعبّر عنها الأحداث[4].

كما تعرف القصة القصيرة على وجه التحديد أنها عبارة عن أسلوب سرد قصصي، ولكن أقصر من القصة تقريباً بحيث قد يصل عدد كلماتها إلى ما يقارب العشرة ألف كلمة كحد أقصى، والغرض منها التأثير الفردي الممزوج بعناصر مختلفة تترك تأثير كبير، وعادةً فإن القصة القصيرة قد تركز على إبراز شخصية معينة خلال حدث معين في ذات الوقت[5].

وعلى الرغم من ذلك فإن أغلب القصص القصيرة تتكون من شخصية مفردة أو عدد من الشخصيات التي تساهم في عرض موقف أو حدث ما، لخلق حوار درامي، يعبر عنه الإنطباع والتوتر بشكل كبير كونه من المميزات التي تشتهر بها القصة القصيرة، وغيرها من السمات.

ويرى العديد من الباحثين في هذا المجال أن القصة القصيرة عرفت بالعديد من الأشكال على مدى التاريخ، منها قصص الملوك والدول، وكذلك قصص الأنبياء، وقصص بداية الخلق، وغيرها من القصص حول الأحداث والصراعات البشرية على مر العصور، وفي مرحلة العصور الوسطى ظهر ما سمي بالأحدوثة وهي إحدى أشكال القصص القصيرة.

وقد أشتهر هذا الفن الأدبي مؤخراً بفضل عدد من رواد القصة القصيرة أمثال موباسان، وتورجنيف، وتشيخوف، وهاردي، وحتى على المستوى العربي نجد يوسف إدريس، ومحمد المر.

ومن أهم المميزات التي تنفرد بها القصة القصيرة، مما يرتبط بالمقومات الأدبية، القصصية والقِصَر، حيث تمثل القصصية الركن الأهم في القصة، ويمكن تأكيد ذلك بإشارة إلى الإخبار بحكاية متسلسلة للأحداث، لتحقق تطور في الأحداث بشكل منتظم في زمن معين[6].

ونخلص إلى أن القصة هي "حكاية نَثْريّة تُستمدّ أحداثُها من الخيال أو الواقع أو منهما معًا، وتبنى على قواعد معيّنة من الفن الكتابيّ "قِصَّة طويلة- قِصَّة تمثيليَّة محزنة". أمّا القصة القصيرة فهي "قطعة نثريَّة روائيّة فيها عدد قليل من الشخصيّات وتهدف إلى وحدة التأثير"[7].

المصادر

[1] ابن منظور لسان العرب (7\74)

[2] سورة يوسف – الآية 3

[3] سورة القصص – الآية 11

[4] روبرت لويس بلفور ستيفنسون: روائي وشاعر وكاتب مقالات وكاتب أسكتلندي

[5] محمد حسن عبد الله: قصص الأطفال: أصولها الفنية وروادها، دار ابن حزم، بيروت، عام 1996م، ص، 09

[6] سني محمود، فنون النثر العربي، عمان، ص 9

[7] أ. د. أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، 2008م، عالم الكتب – القاهرة مادة قصص.