العمالة في الكويت : وقف رخص جلب العمالة إلا للضـرورة والمهن النادرة

العمالة في الكويت : وقف رخص جلب العمالة إلا للضـرورة والمهن النادرة
وقف رخص جلب العمالة إلا للضـرورة والمهن النادرة

المقدمة

شهــدت دولة الكويت تطوراً سريعاً في النمو السكاني خلال الثلاثين عاماً الأخيرة وتمثل الوافدين نسبة عالية في إحصائيات عدد السكان، وتوكد المشاهدات الحالية وبعض الدراسات على خطر قادم يهدد الأمن الداخلي في الكويت نتيجة تأثير الخلل في التركيبة السكانية، وتبين الدكتورة مها الغنام استاذة الدراسات الإجتماعية في البحث التي قامت به حول هذا الموضوع[1]، ان من الأسباب الرئيسية لتفاقم هذه المشكلة وتوسع تأثيرها السلبي على الامن الداخلي الكويتي يعود لزيادة الإقبال لاستقدام العمالة دون وجود سياسات تنظم عملية تواجدهم في الكويت، وايضا مشاركة البعض من افراد المجتمع الكويتي في تطور هذه المشكلة دون وعي بالأثار السلبية المترتبة على هذا الخلل على المجتمع.

ايضا يلاحظ ان الخلل في التركيبة السكانية الذي تعاني منه الكويت وتأثيره على الأمن القومي الكويتي، لا ينحصر فقط في عدم التوازن بين أعداد المواطنين والعمالة الوافدين ولكن يلاحظ ايضا ان النسبة الأكثر في الزيادة في عدد الوافدين تعتبر من العمالة هامشية وغير رسمية وذات سجلات ممتلة بعدة ملاحظات أمنية وتهدد الأمن الداخلي الكويتي، ومن ملاحظ جيدا ان الخلل في التركيبة العمالية يعد خلل مضاعف عن السابق حيث وتقدرحاليا هذه الزيادة بـ(1 مواطن كويتي – إلى – 5.2 وافد غير كويتي) حسب الإحصائيات الاخيرة التي قام بها مركز الدراسات والبحوث لمجلس الامة الكويتي [2]، وهو يعكس بوضوح السبب الرئيسي للخلل في التركيبة السكانية.

العوامل

تمثل زيادة نسبة العمالة الوافدة أحد اهم اسباب الخلل التركيبة السكانية في دولة الكويت، وايضا تمثل مشكلة اجتماعية واقتصادية وسياسية، تتحمل مسؤوليتها جميع الجهات الحكومية والخاصة التي ساهمت في استقدام العمالة بشكل مفرط دون المبالاة بالآثار المترتبة على ذلك.

يمثل العامل الاقتصادي وما يرتبط به من حاجة إلى العمالة الوافدة، أحد اهم العوامل والسبب الأساسي في ظهور هذه المشكلة، بالرغم من الدور الكبير الذي يلعبه في عملية البناء والتمنية، والذي زاد الوضع سوء هو صعوبة وضع قرار واضح ينظم عملية استقدام العمالة وايقاف منح التراخيص لها بعد ان أصبح النمو الاقتصادي في الكويت يعتمد بشكل كبير على وجود العمالة الوافدة، وذلك أصبح يمثل قرارا حاسم لان من المؤكد ان يظهر تأثيره الإيجابي او السلبي بشكل كبيرعلى المواطنين.

ومن العوامل ايضا تدني أجور العمالة الوافدة وانتشار البطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية في الدول المصدرة لهذه العمالة، كل ذلك خلق فرصة لاستقدام تلك العمالة بشكل كبير وتوظيفها في مختلف الجوانب وبالرغم من ان بعض تلك العمالة كانت تفتقر للخبرة الكبيرة.

كذلك من العوامل قلة الخبرات وضعف المستوى المهني على المستوى المحلي مما ادى إلى الاعتماد بشكل على العمالة الأجنبية في مختلف المجالات، ووضحت د سعاد الصباح ذلك في قولها ”يجب الاعتراف بأن العيب ليس في السياسات الحكومية فقط ولكن المواطن الخليجي ساعد هذه السياسات باستيراد العمالة غير العربية بشخصيته الاتكالية وعدم تقديره للعمل وعدم إدراك ذوبان شخصيته العربية في الزحف الآسيوي وعلى السلطات ان تقوم بتوعية المواطنين حتى لا تضيع هويتنا العربية“ [3]

والعديد من العومل الأخرى مثل قلة عدد السكان وتضاؤل القوى العاملة المحلية مع زيادة رأس المال، وايضا من العومل ودور القطاع الخاص في استقدام العمالة الوافدة بشكل كبير ومفرط، دون النظر في توافر الخبرات الكافية في العمالة الوافدة.[4]

الآثار

الزيادة في توافد العمالة الأجنبية لدولة الكويت سواء بطرق رسمية او غير رسمية يترتب عليه العديد من الآثار السلببية والمشاكل التي تهدد الامن القومي الكويتي ومشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية، تتحمل مسؤليتها الحكومة بالمقام الأول لما يصحابها من تبعات تؤثر جليا في حياة المواطن، ولذلك من الواجب العمل الجاد في سن القوانين والسياسات التي تنظم دخول العمالة الوافدة حفاظاً على الامن الداخلي والنمو الإقتصادي، ويمكن تقسيم الآثار المترتبة من عدم تنظيم توافد العمالة الخارجية على عدة مستويات كالتالي:

  • المستوى الأمني
    إن توافد عدد كبير من العمالة بطرق غير شرعية يمثل مشكلة كبيرة وخطر امن واستقرار الكويت، خاصة من دول الجوار والتهريب عبر المنافذ البحرية، كل ذلك ادى إلى تفاقم الخطر الذي يهدد المجتمع، ويؤكد ذلك سجلات اقسام الشرطة والمحاكم الممتلئة بالعديد من القاضيا للعمالة الوافدين الغير ملتزمين بالنظام الداخلي للكويت.
  • المستوى الثقافي والإجتماعي
    من خلال المشاهدات على ارض الواقع نلاحظ ان انخراط العمالة الوافدة خاصة الأجنبية وغير المسلمين في الكثير من الأعمال خاصة في المجال التعليمي او في مجالات التي تختص بإدارة الشؤون الإجتماعية للمواطنين، يمثل تهديدا صريح وخطير يهدد المجتمع الكويتي المحافظ، وايضا يساهم في خلق تفرقة اجتماعية من خلال الغزو الثقافي المهدد للقومية العربية والنهج الإسلامي الذي تعتنقه الكويت ومواطنيها.
  • المستوى الإقتصادي
    من المعروف ان الهدف الأساسي والملحوظ من استقدام العمالة الوافدة هو النمو الإقتصادي وهذا ماشهدناه فعلا، ولكن إذا لم تنظم الحكومة عملية استقدام الوافدين وتشديد الرقابة ومنع البعض من الإتجار بالإقامات وإستقدام عمالة لا تتوفر فيها الخبرة الكافية، ودون مؤهلات علمية، كل ذلك يعكس النتيجة ويسبب مشاكل تهدد النمو الإقتصادي للكويت.

التوصيات

اجريت العديد من الدراسات التي ناقشت مجموعة من التوصيات للحد من الآثار المترتبة على استقدام العمالة الوافدة بشكل متزايد، وفي هذا المقال نستعرض بعض التوصيات الهامة التي تتحدث حول العمالة الوافدة وايضا العمالة الوطنية ودور الحكومة والمجتمع في حل هذه الأزمة:

  • ضبط منح التراخيص للعمالة الوافدة إلا للضـرورة والمهن النادرة، فيما سبق عرفنا ان القطاع الخاص ساهم باستقدام العديد من العمالة الوافدة التي لا تمتلك المؤهلات ولا الخبرة الكافية مماشكل خطر يهدد النمو الإقتصادي للكويت.
  • العمل على إعداد وتدريب العمالة الوطنية وتوظيفهم في مختلف المجالات الاقتصادية والتربوية والاجتماعية للحد من العمالة الوافدة والإعتماد على العمالة الوطنية.
  • وضع قوانين تفرض على القطاع الخاص تدريب وتشغيل الكوادر من العمالة الوطنية ضمن نسبة محددة من العاملين لدى تلك الشركات.
  • رسم خطة للتقليل من عدد العمالة الوافدين الذين لايمكن الإستفادة منهم في الجوانب المختلفة التي تخدم البلاد والابقاء على الكفاءات والخبرات فقط من العمالة الوافدة.
  • تفعيل الدور الرقابي بشكل أكبر في تنفيذ قوانين استقدام العمالة وفق ضوابط تراعي الجانب الأمني والسياسي للدولة.

مختصر

إن زيادة نسبة العمالة الوافدة التي لاتمتلك المؤهلات والخبرة الكافية باتت تمثل المشكلة حقيقية تهدد النمو الإقتصادي بالمقام الأول، حيث تزيد نسبة الوافدين عن المواطنين الأصليين، مما سبب ذلك خلل في التركيبة السكانية وساهم ايضا في ذلك الإعتماد على هذه العمالة بشكل كبير في العديد من القطاعات والمجالات المختلفة، ادى إلى ذلك عدة عوامل ساهمت الدولة والمواطن على حد سواء في ذلك اهم تلك العوامل الاقتصادية واحتياجاتها في النمو الإقتصادي، وكذلك قلة الخبرات المحلية، وغيرها من العوامل.

صاحبت ذلك الإستقدام للعمالة الوافدة بشكل كبير وبدون تنظيم منح التراخيص، العديد من الأثار السلبية التي تهدد الامن الداخلي الكويتي والنمو الإقتصادي وآثار اخرى اجتماعية وثقافية وسياسية، كونها اصبحت تمثل الغالبية العظمى من القوة العاملة وتمثل النسبة الاكبر في المجتمع الكويتي.

لذلك تم وضع العديد من التوصيات التي تسعى الى الحد من تفاقم تلك المشكلة ومعالجة خلل التركيبة السكانية، اهم تلك التوصيات اقرار قانون يمنع منح التراخيص للعمالة الوافدة الغير مناسبة، الإ للظرورة او العمالة الوافدة التي من المتوقع ان تساهم في النمو والتقدم في مختلف المجالات، ايضا تأهيل وتدريب العمالة الوطنية وتوظيفهم في مختلف المجالات.

المصادر

  • التركيبة السكانية في دولة الكويت - مركز الدراسات والبحوث – مجلس الامة الكويتي
  • العمالة الوافدة ( دراسة تحليلية ) - مركز الدراسات والبحوث – مجلس الامة الكويتي
  • التركيبة السكانية وآثارها في التنمية المستدامة ببلدان مجلس التعاون الخليجي (دراسة حالة دولة الكويت)، أحمد عبد العزيز البقلي، مركز التنمية الإقليمية - معهد التخطيط القومي.
  • الخلل السكاني انتهاك لحقوق المجتمع ( ) - أميرة بن طرف
  • في مواجهة الخلل بالتركيبة السكانية (مقال) - عبد المجيد الشطي
  • العمالة الوافدة في الكويت وحديث الساعة (مقال) – حمزة عليان

[1] مؤشرات العنف الهيكلي في التركيبة السكانية لمجتمع الكويت المعاصر – د مها الغنام

[2] دراسة تحليلية، التركيبة السكانية في دولة الكويت – مركز الدراسات والبحوث، مجلس الامة الكويتي

[3] سعاد الصباح – ظاهرة العمالة الوافدة وتحديات القرن الحادي والعشرين، ص :316 -317

[4] الهيئة العامة للمعلومات المدنية – إحصائية العمالة في القطاع الخاص