العلاقة بين الدولة العثمانية والصفوية والمملوكية الصراعات والحروب واسبابها

العلاقة بين الدولة العثمانية والصفوية والمملوكية الصراعات والحروب واسبابها
طبيعة العلاقة بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية ودولة المماليك

مقدمة

كما نعرف ان الدول الصفوية والعثمانية والمماليك هي دول اسلامية ظهرت في فترات زمنية متقاربة وسيطرت كل دولة على منطقة واسعة خاضعة لحكم تلك الدول واستمرت لفترات متفاوتة.

تشابهت هذه الدويلات في نظام الحكم الخاص بها فجميعها كانت تفرض الخلافة الإسلامية كنظام حكم لها مستنبط من مفاهيم الشريعة الاسلامية وكان يطلق على حاكم الدولة بالخليفة بمعنى القائد ومن يخلف رسول محمد ﷺ في تولي قيادة امر المسلمين ودولة الاسلام.

الدولة المملوكية (1250م – 1517م)

تأسست دولة المماليك او السلطنة المملوكية اواخر العصر العباسي الثالث في مصر وامتدت حتى الشام والحجاز واستمرت لما يقارب 267 سنة من تاريخ تأسيسها في السنة 648هـ منذ سقوط الدولة الايوبية عام 1250م.

يعود ظهور المماليك الى انهم من الرقيق المحاربين الذين استقدمتهم الدولة العباسية الاولى من القوقاز وتركستان لتجنيدهم والحراسة وقيادة الجيوش الاسلامية, ولكن بمرور الوقت تراجع نفوذ الدولة العباسية التي انهكتها الحروب مما اتاح الفرصة للمماليك باستغلال الضعف والتراجع الكبير داخل الدولة العباسية مما زاد نفوذهم حتى اصبحو يسيطروا على الخلافة وصناعة القرار.

بعد ذلك اظهر المماليك انفسهم بمنقذي العالم الإسلامي من الإنيهار والضياع بعد سقوط عاصمة الدولة العباسية ومركز الخلافة الإسلامية بغداد على ايدي المغول بِقيادة هولاكو خان وكذلك مقتل آخر خليفة عباسي عبد الله المستعصم بالله.

بعدها عزم المغول على غزو الشام ومصر وهددوا بِمصير مشابه بغداد للقضاء على الإسلام بشكل كامل، فقام السلطان المملوكي سيف الدين قطز بإرسال جيوشا عظيمة إلى فلسطين لصدهم من التقدم وحماية قلب الديار الإسلامية, فانتصر المسلمون وهزم المغول عام 1260م وسميت هذا المعركة بـ عين جالوت.

انقسم فترة حكم هذه الدولة لمرحلتين او دولتين كما يقول بعض مؤرخوا التاريخ الاسلامي وهما:

  • دولة المماليك البحرية (1250م – 1382م) والذين عرفوا بانهم من من الترك والمغول الى حد كبير.
  • دولة المماليك البرجية (1382م – 1517م) وهم من الشركس اي سكان شمال القوقاز من أديغة و‌آفار و‌شيشان و‌لزجين وغيرهم.

الدولة العثمانية (1299م – 1923م)

تأسست الدولة العثمانية على يد عثمان الأول بن ارطغرل واستمرت لمدة ستة قرون منذ عام 1299م. كان بداية ظهورها مجرد إمارة حدود تركمانية تعمل في خدمة دولة سلاجقة الروم على مقاومة الغارات البيزنطية. ولكن بعد سقوط سلطنة سلاجقة الروم استقلت الإمارات التركمانية التابعة لها بما فيها الإمارة العثمانية والتي استمرت في النهوض وابتلاع الامارات الاخرى حتى تأسست كدولة اسلامية عظمى.

امتدت مساحة اراضيها على أنحاء واسعة من قارات العالم القديم حيث سيطرت على آسيا الصغرى بشكل كامل وشمال أفريقيا وجزء كبيرمن جنوب شرق أوروبا وغرب آسيا.
كما بلغ عدد الولايات العثمانية إلى 29 ولاية، وكان للدولة سيادة اسمية على عدد من الدول والإمارات المجاورة في أوروبا.

الدولة الصفوية (1501م – 1763م)

ظهر المفهوم او الطريقة الصفوية على يد مؤسسه الذي سميت على اسمه صفي الدين الأردبيلي.

بعد ذلك ظهرت بالإمبراطورية الصفوية وتأسست في ايران عام 1501م بعد انهيار الإمبراطورية التيمورية واستمرت بالتوسع شرقا وغربا بإتجاه خراسان وأفغانستان وأذربيجان والعراق وديار بكر وبلاد الكرج فِي الشمال، وهي دولة اسلامية شيعية قائمة على المذهب الأثني عشري وهي من اعظم الدول التي تولت الحكم في ايران بعد الفتوح الإسلامية لبلاد فارس.

تعد ايضا واحدة من إمبراطوريات البارود. ويعتبر الشياه (الملوك) الصفويون مؤسسي المدرسة الإثنى عشرية الشيعية واقروها ديانة رسمية للامبراطورية ممايجعلها من أهم نقاط التحول في التاريخ الإسلامي.

في البداية اقرت مدينة تبريز كعاصمة لها بعد ذلك انتقل مركز الحكم الى قزوين ثم إصفهان مع التغيرات الداخلية التي حدثت خلال فتره حكم هذه الدولة.

علاقة دولة المماليك مع الدولة الصفوية

كان بداية علاقة الدولة الصفوية تجاه الدولتين المملوكية والعثمانية علاقة عدائية إلى حد كبير حيث ان المؤسس الاول للإمبراطورية الصفوية إسماعيل الصفوي كان شديد الكره للمسلمين السنة المتمثل في الدولتين المماليك والعثمانية مما دفعه لمحاربتهم وعقد اتفاق مع البرتغال والصليبيين على محاربة دولة المماليك وكذلك الدولة العثمانية.

وايضا مما زاد العداء بين المماليك والصفويين هو توسع الدولة الصفوية في بلاد الشام على حساب دولة المماليك مما اعلن منه المماليك موقفا مناوئا لما يقوم به الصفويين وايضا تحالفهم مع قوى اوروبية للقضاء على دولة المماليك. مما ادى الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين بشكل كامل عام 1511م.

واخيرا تغيرت المعادلة وعادت العلاقة بين الدولتين علاقة ود وصداقة وذلك عندما خسرت الدولة الصفوية في حربها مع العثمانيين فأرادوا أن يحسنوا في علاقاتهم مع المماليك.

علاقة الدولة الصفوية مع الدولة العثمانية

كما عرفنا ان العلاقة بين الدولتين كانت عدائية للغاية بحسبب الاختلاف المذهبي الذي ادى الى صراع دامي بين الدولتين سعى له الشاه إسماعيل الصفوي مؤسس الامبراطورية الصفوية بسبب كراهيته للمذهب السني والذي مثلته الدولة العثمانية بشكل كبير فاصحبت تمثل خصم له وشوكة في مسيرته للتوسع ونشر المذهب الشيعي.

كل ذلك ادى الى سلسلة من الصراعات والحروب لقرون تنافست الإمبراطوريتان عسكريا للسيطرة على شرق الأناضول والقوقازوالعراق، فكانت الهزيمة الاكبر للشاه إسماعيل الصفوي في معركة جالديران عام 1514م على يد الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم الأول. وادت النتيجة الى انكسار الشاه اسماعيل الصفوي وتراجعه عن مخططه في حرب المماليك وبقية الدول السنية فبادر بتحسين العلاقات الدبلوماسية بين دولته والدول الاخرى لخلق محطة تمكنه من إعادة ترتيب اوراقة ووضع خطط جديدة.

علاقة الدولة العثمانية مع دولة المماليك

سارت العلاقات بين الدولتين مسار طويل تراوحت بين المودة والتقدير وبين القلق ثم الصراع الدامي، حيث كانت نهاية دولة المماليك بشكل تام على أيدي العثمانيين عام 1517م

في البداية ترسخت علاقة الصداقة بين الدولتين بعد زوال الخطر التيموري وازدادت ترسخا في عهد السلطان المملوكي سيف الدين برسباي ثم في عهد السلطان سيف الدين جقمق، ولكن سرعان ماتغيرت المواقف وانتهت العلاقات الودية بين الدولتين بعد فتح القسطنطينية على يد السلطان العثماني محمد الفاتح. والسبب كان في تصادم مصالح كلا الدولتين مما ادى الى بدأ علاقة جديدة سادها العداء. وذلك بعد ان شعر المماليك بإزدياد شعبية العثمانيين بين المسلمين بعد فتح القسطنطينية. ومما زاد قلقهم ايضا هو ان الدولة العثمانية بدأت بالبروز كدولة إسلامية قوية أخذت تنمو على حدود دولة المماليك وازداد قلقهم ايضا بعد سماعهم بنشاط المساعي في العاصمة العثمانية لتغيير طبيعة العلاقات بين الدولتين بعد ان اخذ العثمانيون يتلقبون بألقاب السلاطين ومساواتهم بسلاطين المماليك.

ولكن بعد وفاة السلطان محمد الفاتح بدأت الخلافات والتوتر يزداد بين الدولتين مما ادى الى حروب عنيفة بين الدولتين. بعد ذلك توقفت الحرب واعلن صلح وتحسنت العلاقات بين الدولتين ولكن ذلك لم يتسمر طويلا.

كان لتنامي شعبية الدولة العثمانية بشكل كبير بين المسلمين كحامية للجناح السني للاسلام. وايضا الموقف الودي والتصالح بين دولة المماليك والصفويين الذين يمثلون الجناح الشيعي الاثنى عشري المعادي للمسلمين السنه ورغم العداء والحرب بين الدولتين العثمانيه والصفوية وذلك مما ادى لقيام حملة عثمانية على اراضي دولة المماليك بقيادة السلطان سليم الاول وقيام معركة مرج دابق انتصر فيها العثمانيين.

ولكن لم يلبث السلطان العثماني سليم الأول طويلا حتى بدأ بإرسال رسله لطومان باي الحاكم المملوكي بان يسلم البلاد ويكف عن المقاومه. ولكن طوماي رفض الإنذارات وخرج يقود المماليك دفاعا عن دولته المملوكيه وتقابلا الجيشان في المعركة الحاسمة التي سميت بمعركة الريدانية والتي انتهت بهزيمة المماليك وانتهاء دولتهم بشكل كامل من مصر والشام والتي حلت مكانها الدولة العثمانية.

المصادر