نقد نظرية الواجب

نقد نظرية الواجب
نقد نظرية الواجب

في هذه النظرية فقد احل كانط مفهوم الوجوب على فعل الخير والعمل الصائب، وجعله المصدر الوحيد للإلتزام الأخلاقي، حيث ان الخير الذي يقدمه الإنسان والنابع من دوافع عاطفية او دينية، لا تعبر عن إلتزام اخلاقي ولا تحمل اي قيم اخلاقية كونها بعيدة عن الوجوب العقلي.

فإذا كان الإلتزام الأخلاقي مرتبطا بالواجب الصادر عن العقل، فإن من المفترض ان يرتبط مفهوم الواجب بوجود الحرية كون مصدره عقل الإنسان، حسب ما جاء في تعريف الوجوب عند كانط، وايضا كيف يمكن التأكد على ان التصرف الذي يقوم به الإنسان متوافقا مع الوجوب.

فلو اخذنا مثال على الإلتزام بقواعد السير، فإذا كان الدافع من الإلتزام يتمثل في الشعور بالخطر والخوف من حدوث مكروه عند عدم الإلتزام بتلك القواعد الأساسية المطروحه، فكيف يمكن ان يصنف ذلك بإلتزام غير اخلاقي، وليس من المنطقي ابدا ان يلتزم الشخص وفقا لقواعد السير بشكل مطلق، دون التعرف على العواقب المترتبه على الإخلال بتلك القواعد.

ولو اخذنا امثله اخرى فنجد انه من المنطقي ان تكون النتيجة هي الدافع الأساسي للقيام بالعمل الصائب وترك العمل الغير صائب الذي تترتب عليه نتائج سيئة، حتى يكون الإلتزام بعمل الخير والقيام بالصواب نابع عن وعي تام باهمية الامر الذي يقوم به الإنسان، والرضاء التام بذلك العمل وحتى ان كان مجهدا.

كذلك يمكن ان يتغير المستوى الأخلاقي من شخص لأخر فكيف يمكن الأخذ بالنظرية عند اكثر من شخص يختلف المستوى الثقافي والأخلاقي لكل منهم، فمثلا عند الأخذ بإحدى مسائل فعل الخير كمساعدة شخص ماء.

فإن جمهور هذه النظرية قد يختلف مستوى تفكريهم من شخص لأخرى، فيرى البعض ان مساعدة ذلك الشخص امر واجب دون تدخل اي عوامل اخرى مؤثرة في قراراته، فيصبح قراره وجوب المساعدة لهذا الشخص إلتزام أخلاقي منه حسب النظرية، وقد يأتي اخر يختلف تفكيره عن السابق فينظر في مسألة الوجوب المطلق حسب القواعد العقلية لديه فيرى انه لايتوجب عليه مساعدة هذا الشخص لما يراه عقله بشكل مطلق، فيظهر هنا تناقض كبير بين جمهور هذه النظرية.

تبين نظرية كانط ان الخير يجب ان يتربط بشكل مباشر بالوجوب وكأن الإنسان قد خلق ملما بفكرة الإلزام والوجب، او انه استمدها من ذاته! فكيف يمكن ذلك؟ ولكن الدراسات تؤكد ان الإنسان يستمد فكرة الوجوب من خلال التأثر بالبيئة الإجتماعية التي يعيش فيها، وايضا من خلال مبدأ الإستحسان والإستنكار الذي يتميز به الإنسان وسائر المخلوقات، وكذلك من خلال الاعتبار بمبدأ الجزاء والحساب الذي تقتضيه الفطره الإنسانيه.

واخيرا نأتي لموضوع النظرية التي تتعارض مع العقيده والدين، حيث ان النظرية تأخذ بموضوع الواجب الأخلاقي بشكل مطلق دون النظر إلى الشرائع السماوية حتى وان تعارضت تلك القواعد مع الاحكام الإلهية المشروعة او اتفقت معه فهذا يعني ان الإلتزام بفعل الخير وفقا للإلتزام الديني لايعد اخلاقيا، وهذا يتعارض مع المغزى الاساسي عند الكثير من المؤمنين بالأديان السماوي ووجود الله فالإلتزام بقيامهم الكثير من الاعمال الخير هو نيل الثواب والأجر عند الله وتجنبا للعقاب.