مقياس الفعل الصائب بحسب نظرية الواجب

مقياس الفعل الصائب بحسب نظرية الواجب
مقياس الفعل الصائب بحسب نظرية الواجب

يوضح الفيلسوف الألماني أمانويل كانط في نظرية الواجب ان الواجب هو المحور الأساسي للأخلاق، حيث افترض في نظريته الإلزام الخلقي مرتبط بمفهوم القيام بالواجب المفروض على الإنسان، دون رد الإلزام الخلقي للإتجاه الوجداني او المجتمع او الدين، بحجة ان الأخلاق امر واجب ليس مرتبطا بالتوجه الوجداني الداخلي كونه توجه نسبي متغير من شخص لأخر، ففي هذه الحاله يصبح الواجب هو المصدر الأساسي للتوجه الأخلاقي، حسب نظريته، وبهذا فقد اعطى كانط مصدرا جديدا للإلتزام الخلقي يتعارض مع المصادر الأخرى التي لا تشملها نظريته.

وعند الأخذ بهذه النظرية في قياس الفعل الصائب كنموذج للإلزام الخلقي، فإن النظرية تحكم على ذلك الفعل كونه خلقي من خلال وجوبه وضرورته، دون النظر في اثاره ونتائجة، فإن كان الدافع نحو القيام به، محرك اجتماعي احترام للبيئة الإجتماعية المحيطة، او دافع وجداني متمثل بالشعور بالسعادة الناتجه عن الرضىء الداخلي للإنسان من هذا الفعل الصائب، فإن النظرية تحكم على ان ذلك الفعل غير اخلاقي كونه يحمل دوافع اخرى محركة لذلك الفعل.

ومن الأمثله التي وضعها كانت ليوكد نظريته، عن السرقة حيث قال ان القانون يأمر بالمحافظة على ملكية الآخرين، فإن أمتنع المرء عن السرقة تطبيقا للواجب الذي يمنع عليه ذلك وفقا لقاعدة عقلية ثابته، فيكون المرء ملتزما اخلاقيا.

ولكن في حين ان احد امتنع عن السرقة خوفا من القانون والعقوبات المفروضه، او كان امتناعه إلتزاما بتعاليم دينية، او بدافع اجتماعي، او تعاطفا منه بدافع وجداني، فإن النظرية تحكم ذلك على أنه فعل غير أخلاقي بسبب انه محرك بدوافع غير الواجب المفروض عليه والذي يمليه العقل والمنطق.

ويفسر كانط مفهوم الواجب في نظريته بانه ضرورة اداء الفعل الصائب احتراما لقانون والعقل بمبادئه المطلقه بعيدا عن الدوافع الشعوريه والخارجية، ودون النظر في النتائج والمصلحة المترتبة على الفعل، وتوضح النظرية ان قواعد السلوك البشري يمكن تصنفيه في نوعين (أوامر شرطية ، وأوامر مطلقة).

فإن كان الفعل الصائب مرتبط بشرط، فإن دافعه بشكل عام سيكون مرتبط بالحصول على الغاية الناتجة من الشرط او اي دافع اخر يمكن قياسه على الشرط نفسه، وفي هذه الحالة فإن الفعل الصائب المرتبط بقضية شرطية، لا يمكن إعتباره فعل اخلاقي، ويعتبر كانط ان الاوامر الشرطية لاتمثل إلتزاما اخلاقيا.

اما الأوامر المطلقة الناتجة الغير مرتبطة باي شرط او نتيجة مترتبة على تلك الاوامر وماهي إلا اوامر مطلقة مرتبطة بمفهوم الواجب المنطقي، فإنها تنفيذها يعد إلتزاما اخلاقيا وتمثل هذه الأوامر النموذج العام لنظرية الواجب لكانط.

الواجب عند كانط مثالي وعام وامر مطلق نابع من العقل الإنساني والقانون المنطقي، ويمثل قانون الإلتزام الخلقي الواجب العقلي والطبيعي بشكل صارم ولايسمح بأي استثناء خارجية، فهو مطلوب لذاته ويتعارض مع القاعدة الشرطية حتى لايفقد الصفة الأخلاقية التي يحملها.

وبإختصار يصبح مقياس الفعل الصائب وفقا لنظرية الواجب لكانط متمثلا بوجوبه بعيدا عن نتائجه وآثاره والدوافع الاخرى غير الإلزاميه العقليه، بغض النظر عن بعض الامثله التي طرحها كانط لتدعم هذه النظرية، فإن الاخذ بها في الكثير من القضايا والامور على الواقع ليس منطقي إلى حد ما، وقد عارض العديد من الفلاسفه والباحثين هذه النظرية كونها تثبط الإقبال على فعل الخير بعدة دوافع خارجية بعيدة عن الوجوب.

يمكنك إستكمال القراءة في المقال التالي: نقد لنظرية الواجب