التنمية الإجتماعية في الدولة

التنمية الإجتماعية في الدولة
التنمية الإجتماعية في الدولة

المقدمة

التنمية بشكل عام هي احدى العناصر الرئيسية للإستقرار والنهوض والتقدم الإجتماعي والإنساني داخل الدولة، وهي تمثل عملية نمو وتقدم كلي او جزئي مستمر، وتتعدد تصنيفات التنمية لتكون اقسام اساسية وانواع وابعاد متعددة تختص بمجالات مختلفه مثل التنمية الإقتصادية والتنمية الإجتماعية والتنمية السياسية وغيرها، تهتم جميعها بتحقيق هدف رئيسي وهو الرقي والتقدم في مختلف المجالات وتحقيق الإستقرار وتحسين الوضع المعيشي في حياة الفرد داخل الدولة، وخدمة المجتمع بما يلبي متطلبات افراده بالطريقة التي تخدم احتياجاته وتوظيف امكانياته في مختلف المجالات.

مفهوم التنمية الإجتماعية

التنمية الإجتماعية هي مفهوم شامل لا تحمل تعريف محدد، ولكن يمكن القول انها السعي المستمر في محاولة تحسين الوضع المعيشي والإجتماعي للأفراد داخل المجتمع وتحقيق رفاهيتهم من خلال توظيف قدراتهم وإمكانياتهم لجعل كل فرد منهم عنصر فعال يساهم في نجاح المجتمع، كما يضمن لهم الحياة الكريمة وتحسين الوضع المعيشي لكل فرد منهم، لأن نجاح اي مجتمع مرهون بالوضع المعيشي ورفاهية افرادة.

عملية التنمية في المجال الإجتماعي تتمثل في ما يقوم به المجتمع وحكومته في سبيل تحقيق الرفاهية المجتمع من خلال استثمار إمكانيتهم وطاقتهم بما يخدم استراتيجية التطور الإجتماعي والتنموي، ومن المعلوم ان العلاقة بين التنمية الإجتماعية ومجالات التنمية الأخرى علاقة تكاملية، بحيث تتمثل في متطلبات اساسية في مجال تنموي معين تتوافر في نتائج مجال اخر.[1]

عناصر التنمية الإجتماعية

اقترح العديد من البحاثين في مجال العلوم الاجتماعية ثلاث عناصر اساسية تمثل مقومات التنمية الاجتماعية التي تهدف حداث التغييرات الظرورية في البنية الإجتماعية داخل الدولة، وهي كالتالي:

  1. التغير البنائي او البنيوي ويعني به التغيرات التي يجب ان تتخذ على المكونات الإجتماعية المتعددة بحيث تتم بشكل تدريجي ومستمر حتى تصبح تغيرات جذرية ملاحظة على المدى البعيد، وبشكل عام فإن المقصود منه التغيير في البنية الإجتماعية داخل الدولة.
  2. الدفعة القوية وهذا المصطلح يقصد به التوزيع العادل للثروات بين افراد المجتمع من خلال اجراء تغيير جذري داخل الكيان الإجتماعي يساهم في خلق توازن اجتماعي، بحيث يمكن لأي فرد داخل المجتمع من الحصول على الخدمات الأساسية كـ التعليم والصحة وبشكل عادل كأي فرد اخر داخل المجتمع دون اي تمميز.
  3. الاستراتيجة الملائمة وهي الإطار العام الذي تحددة سياسة التنمية من اجل النهوض والإنتقال من حالة الركود والتخلف إلى مستوى متطور من مرحلة النمو الذاتي، من خلال خلق تصور بعيد الأجل يحدد المسارات الصحيحة التي يتعين على المجتمع اتباعها لتحقيق الإستقرار والتنمية الإجتماعية وفقا لأهداف محددة ترسمها تلك السياسة.[2]

أهداف التنمية الإجتماعية ومعوقاتها

تتلخص الأهداف العامة للتنمية الإجتماعية من خلال الدور التي تعزز به مفهوم التنمية الإجتماعية، والعمل على تحقيقها مسؤولية اجتماعية إلى جانب مسؤولية الدولة في وضع الخطط والدراسات الازمة وتمويل خطط التنمية الإجتماعية، ومن هذه الأهداف مايلي:

  1. التحفيز والدعم المستمر في بناء المجتمع وإحداث التغييرات اللازمة داخل الكيان الإجتماعي.
  2. العمل على تلبية المتطلبات الأساسية لكل افراد المجتمع، بما يضمن لهم الإرتقاء بالوضع المعيشي.
  3. توظيف واستثمار الإمكانيات والطاقات والموارد المتاحة داخل المجتمع.
  4. تحقيق العدالة الإجتماعية من خلال التوزيع العادل للموارد والخدمات وتحقيق التوازن داخل المجتمع.
  5. تحسين الوضع الإجتماعي من خلال تحسين الخدمات الإجتماعي التي تقدمها الدولة لجميع افراد المجتمع، كالتعليم والصحة والإسراع في حل النزاعات التي قد تحدث، من اجل خلق التوازن والحفاظ على تماسك النسيج الإجتماعي داخل الدولة.
  6. العمل على توطيد وغرس القيم اسمى معاني المحبه والإخاء بين افراد المجتمع، والذي يعزز بدوره التطور السريع في تحقيق اهداف خطط التنمية الإجتماعية وتحسين الوضع الإجتماعي والمعيشي لكل فرد داخل المجتمع.

اما بالنسبة للمعوقات التي قد تواجه عملية التنمية الإجتماعية وتعيق التقدم من تحقيق الأهداف العامة من التنمية الإجتماعية، فيمكن تصنيفها بشكل عام إلى أربعة اصناف كما يلي:

  • معوقات إجتماعية، كالعصبية والإستغلال والمكانة الإجتماعية.
  • معوقات ثقافية، وتتمثل في التخلف والجهل والثقافه المغلوطة داخل المجتمع.
  • معوقات نفسية، ويمكن تفسيرها بتلك المعوقات التي تتمثل في مدى تقبل الفرد للمشاريع والبرامج التنموية المستحدثة في بيئته وتلائمه معها بالشكل المطلوب.
  • معوقات تخطيطية، وهي المعوقات التي تتمثل في سوء او تقصير في التخطيط التنموي ومنها:
    • عدم التوازن والتكامل بين مختلف مجالات التنمية، وعدم التسيق والتعاون بين المجالات التنموية المختلفة.
    • تهميش دور افراد المجتمع من المشاركة الفعالة في عملية التنمية الإجتماعية
    • قلة الخبرة والمعرفة الكافية عند التخطيط التنموي.[3]

التنمية الإجتماعية في حقبة الثورة النفطية

كان لإكتشاف النفط في دول الخليج العربي وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، دور ايجابي وكبير في نهوض وتحرك عملية التنمية الإجتماعية من خلال العائد المالي من استخراج النفط وبيعه لتمويل خطط التنمية المختلفه بكافة المجالات الاقتصادية والإجتماعية، وقد أهتمت الدولة بالعمل على خطط التنمية الإجتماعية كونها تمثل احدى اهم العمليات التنموية التي تهدف للرقي والنهوض بالمجتمع.

وكان لذلك الدور الرئيسي الذي تمثل بإكتشاف النفط الفضل في دراسة طبيعة ومسار عملية التنمية في بداية سبعينيات القرن الماضي حتى يومنا هذ، كونه يعد منتج إستراتيجي ومكون اساسي للصناعات، ويؤثر العائد المالي منه بشكل ايجابي على مختلف التوجهات التنموية والسعي لتحقيق نهوض اقتصادي يساهم في دعم العملية التنموية الإجتماعية والرقي بالمجتمع من خلال توفير كافة المتطلبات التي يحتاجها.

بعد ان كان الإعتماد على الزراعة والموارد الطبيعية القليلة قديما والتي لم تستطع تغطية كافة الإحتياجات الأساسية للمجتمع، فكان ال وكان لإكتشاف النفط الفضل في النهوض الإقتصادي الكبير والذي استطاع بدوره خلق توازن اجتماعي وتحسين الوضع المعيشي، بعدها بدأ العمل على وضع خطط التنمية الإجتماعية وتوفير الخدمات الأساسية التي ساهمت في تحفيز الموطنين للعمل على تمكين طاقاتهم وقدراتهم من اجل النهوض بالمجتمع، والسير وفقا للخطة المرسومة والمسار الذي يضمن لهم الحياة الافضل.[4]

وجهة نظر

إن النمو الإقتصادي في الدولة له تأثير كبير على عملية التنمية الإجتماعية، فمن الملاحظ عن العلاقية بين الجانب الإجتماعي والإقتصادي هي علاقة تكاملية، كون الأول يعتمد بشكل اساسي على الثاني، ومثال على ذلك فالتنمية الإقتصادية والنهوض الإقتصادي يساهم بشكل كبير في تحسين الوضع المعيشي للفرد من خلال زيادة الدخل وتحقيق الرفاهية للمجتمع، والعكس صحيح حيث ان العمل في تحقيق التنمية الإجتماعية ساهمت في نهوض اقتصادي من خلال توظيف قدرات وإمكانيات الفرد بالشكل الذي يخدم التنمية الإقتصادية داخل الدولة، فكل جانب يكمل الأخر، فمن الأجدر ان يتم العمل على دعم خطط التنمية الإقتصادية ودعم الإقتصاد المحلي للدولة من اجل تهيئة المتطلبات الأساسية للعملية التنموية في الجانب الإجتماعي.

المصادر

[1] إيمان الحياري، مقالة عن مفهوم التنمية، منصة موضوع

[2] فكرون السعيد، استراتیجیة التصنیع والتنمیة بالمجتمعات النامیة

[3] طلعت السروجي، التنمية الاجتماعية المثال والواقع

[4] د.جميل طاهر، النفط والتنمية المستديمة في الأقطار العربية: الفرص والتحديات